د. عبدالله بن عويقل السلمي
تطالعنا الاحصائيات التي تصدرها بعض الجهات التي تعلن -فقط تعلن- انها تعنى بالمشكلات الاجتماعية ان اكثر من خمس واربعين حالة طلاق تحدث يوميا, وتفيد احصاءات اخرى بأن نسبة العوانس بلغت 39% وهذا يعني ان اكثر من 76% من عدد النساء يصارعن معاناتين أو ألمين إما ألم العنوسة خلف اسوار المنازل بانتظار فارس الاحلام الذي اعمته تربية المظاهر عن رؤيتهن, وإما ألم متابعة قضاياهن في المحاكم من حرمان من الاطفال أو نفقة أو غيرها مما تحاول المطلقة التشبث به من بقايا زواج عصفت به رياح الفرقة.
انني وغيري كثيرون حينما نطرح هاتين المشكلتين لا ارى في الافق القريب حلولاً تحد منهما او تسهم في تخفيفهما. كما اننا ايضا نطرحهما متسائلين لِمَ يحدث هذا ونحن في مجتمع مسلم جعل من القرآن منهجا ومن الشريعة دستورا? بكل تأكيد اننا مجتمع مظهري متسرع عابث ينشأ فينا الابن وهو لا يدرك كيف يتحمل المسؤولية, وانما فقط يدخل الحياة الزوجية بعقلية التفوق الذكوري أو استجابة لضغوط الوالدين أو نتيجة لنقل أوصاف خيالية عن شريكة الحياة لايجد شيئا منها عند اللقاء الاول أو بعده.
وعلى المستوى التوعوي العلاجي نحن لا نستشعر خطر المشكلة الا بعد استفحالها والا فلماذا نجد هذه النسب المفزعة? ولماذا هذا القتل البطيء لاكثر من ثلثي هذا الجنس الانثوي الذي اوصانا الرسول بالعناية به? انني -هنا- لا اريد ان اخوض في اسباب ظاهرة العنوسة ولا في معالجة فيروس الطلاق فقد كثرت الكتابات بل المؤلفات عنهما وان كان كل ما قيل لايعدو كونه طرحا لم تتبنّهُ جهة وتدرسه هيئات مختصة لتحيله الى واقع منفذ ومنقذ ولكنني في هذه الزاوية الصغيرة اطرح المشكلة للفت الانتباه اولا ثم لتقديم ما يخطر ببالي من مقترحات ارى انها ستسهم في بعض الحلول ومنها:
اولا: تكثيف الوعي من خلال حملات تقودها وسائل التوجيه المتعددة وطرح الحلول من خلال هذه الحملات واظن انها ستنجح في الحد من ظاهرة الطلاق كما نجحت في علاج مشكلة غلاء المهور قبل سنوات.
ثانيا: ارى ان تفتح مكاتب لاصلاح الحياة الزوجية في كل حي سكني, والا تقتصر على محاكم العقود والانكحة كما هو حالها الآن, لان الزوج لا يذهب للمحكمة الا بعد ان انقضى الامر وشاع الخبر -لاسيما في مجتمع تسري فيه الشائعة كالنار في يابس الحطب. كما ارى ان يوكل لامام المسجد او لجان الاصلاح مهمة ان يكونوا جسورا بين الشاب والفتاة من خلال التقريب بين الاسرتين في تزويج ابنيهما, وان يكون لديهما قائمة بالبنات ودراية بالابناء فيكونوا نقطة تلاقٍ وحلقة وصل بينهما وهذا يتطلب اختيارا للامام افضل مما عليه الواقع الآن.
ثالثا: ارى ان يبرز الجانب المادي في معالجة هذه المشكلة ترغيبا وترهيبا, وذلك بأن يكافأ كل شاب تزوج من فتاة تقدم بها العمر وتكون المكافأة من خلال بنك التسليف او المشاريع الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج, كما ارى ان يغرم المطلق مبلغا من المال اذا كان الطلاق نتيجة خلل أو استغلال لحقه في العصمة, وتكون هذه الضرائب نواة لصندوق يساهم في رعاية المطلقات والانفاق عليهن في حال كونهن غير موظفات او حال اسرهن لا يسمح باعالتهن.
رابعاً: ارى ضرورة دعم المشروعات التي تعنى بمساعدة الشباب على الزواج باقتطاع ولو ريال واحد من مرتب كل موظف يتجاوز راتبه اربعة آلاف وليكن هذا الاقتطاع لمدة محددة على ان لا تقوم هذه المشاريع الخيرية بالدعم المالي فقط ولكن تتعدى مهمتها الى عملية الاصلاح بين الزوجين من خلال لجان متحركة تنسق مع لجان الحي وتساعدها وكذا تقوم بالمساهمة في تزويج العوانس عن طريقها من خلال استقطاب الاجتهادات الفردية التي يقوم بها بعض القضاة والدعاة حاليا, وعليها ايضا ان تقصر الدعم المادي على الشاب الذي يتزوج من القائمة الموجودة لديها.
جامعة الملك عبدالعزيز- كلية الآداب
غير متصل
