( بول جونسون !
أنت بعض مني وأنا بعض منك
فقدت بفقدك بعضي إلى الأبد
وتركت بقلبي جزءاً منك تظلله الأحزان )
لم يقل هذا الكلام السابق زوجة القتيل بول مارشال جونسون ولا إخوته ولا ذووه ، بل كتبه ونقله كاتب مسلم في عموده في صحيفة وطنية سيارة !
ماذا يعني هذا ؟
هل يعني أن الكاتب - ومن نقل عنه - بلغهم نبأ إسلام الرجل قبل قتله فبثوه هذه المشاعر الفياضة التي ربما بخلوا بها على آبائهم أو إخوانهم !
وهنا يحق لنا أن نتوقف وأن نترقب دليلهم على ذلك !
لكن الحقيقة هي أن الرجل لم يسلم ولم يقل أحد بإسلامه، بل مات كافراً على دينه !
وهنا ينفتح باب من الأسئلة الكبيرة التي يجب على كاتب المقال - إن كان يحترم عقول قرائه، ويراهم جديرين بالإقناع - أن يجيبنا عليها سريعاً !
هل القول بحرمة قتل الرجل وعصمة دمه يعني أن تزول بيننا – نحن المسلمين - وبينه الحواجز والفوارق الدينية التي جاءت بها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة بلا مواربة ولا خفاء ؟
الادعاء المثير للضحك الذي قاله كاتب المقال ، أنه بموقفه الغريب النشاز هذا ، يعبر عن رأي شريحة واسعة من شرائح المجتمع
وهل صار من أقرب الناس إلينا حتى يبثه واحد منا تلك المشاعر الحارة التي لم يكتب مثلها عن عشرات القتلى من أطفال المسلمين ونسائهم ورجالهم في بلاد العالم ؟ بل ولم يكتب مثلها أو قريباً منها لصالح قتلى المواجهات من رجال الأمن ؟!
نفس الكاتب كتب كثيراً في ذم المطلوبين والتشنيع عليهم ووصفهم بكل سيئة وخطيئة، ولست أدرى ما سوف يجيب به لو تسنى لأحد أن يسأله بصدق : أين الرجلين أقرب إلى قلبك وأولى بولايتك : بول جونسون أم قاتله ؟
المسلم بفطرته وصفاء عقيدته ولو لم يكن مثقفاً– كثقافة الكاتب – يقول بلا تردد: إن أولئك أقرب إلينا فهو مسلمون وهو كافر ، ومهما بدر من أولئك من عظائم فليست تخرجهم من الدين ، ومهما وقع على الرجل القتيل من مظالم فليست تنفي عنه صفة الكفر ومقتضياتها الشرعية .
ربما لا يعجب هذا الكلام من يريد أن يأخذ من الدين ما يدعم به مواقفه ويدع ما يتعارض معها، ولكن الحق أحق أن يتبع !
من كتب تلك الكلمات الموغلة في التطرف ، كتب كثيراً – من قبل - في مسائل الدين وناقش وجادل وأظهر نفسه على أنه لا تنقصه العلوم الشرعية، فإن كان هو حقاً كذلك ، فهل خفيت عليه هذه المسألة من مسائل الذين الواضحة ، فصار لا يفرق بين المسلمين والكفار في الحب والعطف والمودة و التولي ؟
هل خفي عليه الفرق بين الموالاة والمعادة وبين البر والإحسان والعدل في شريعة الإسلام ؟
هل يظن – هو وغيره ممن سار على ذات النهج – أنهم يقدمون خيراً للوطن حين يكتبون تلك الكتابات المضادة لما عليه دين البلد و أهله ؟
لا وربي ... بل هم يزيدون من معاناة البلد ويصنعون بكتاباتهم هذه أزمات ومشاغبات فكرية لتزيد من التحزبات والتفرقات بعيداً عن الأصل الذي اجتمع عليه الناس واحتكموا إليه وهو الإسلام : بنقائه وصفاءه ، وقوته وحزمه ، ورحمته وعدله ..!
الادعاء المثير للضحك الذي قاله كاتب المقال ، أنه بموقفه الغريب النشاز هذا ، يعبر عن رأي شريحة واسعة من شرائح المجتمع، بل يكاد يقول إنه يعبر عن كل فرد من أفراد البلد حين يقول مثل هذا الكلام !
ولأجل هذا تحشر أسماء وهمية في المقالات ، ويستشهد بأقوال أناس صنعهم خيال الكاتب وأعطاهم أسماء وربما عناوين ومراكز وأرقام هواتف لكي ينقل عنهم تأييدهم لرأيه !
و هكذا يستثمر البعض أزمات البلد للتعبير عن مشاعر وأفكار نشاز ..غريبة وبعيدة كل البعد عن المعالجات العاقلة المتزنة التي تسعى لتجنيب البلد المزيد من الفتن والمناحرات .