السر الثاني من أسرار هذا الفن :
2- الفتل والنقض
الفتل والنقض .
أو الحجة والحجة المضادة .
اذا كان معنى الشاعر قوي ومحكم ويصعب الرد عليه من ناحية معناه أو مجاراة قوة معناه , ثم اتى خصمه ببيت يزيد قوة في المعنى عن خصمه وينسف حجته أو يجعلها ضعيفه فأنه نقض لفتل البيت ومن الأمثلة الكثيرة التي تحفل بها محاورات الكبار فقط .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::
عندما قال نواف منور العازمي رحمه اله وهو شاعر كبير قال بيت في محاورة أوردتها لكم سابقا وهي تتحدث عن أمور وقتال جرى بين الاخوان في عهد الملك عبدالعزيز بقيادة الشيخ فيصل الدويش وذلك بعد قتالهم للملك عبدالعزيز وبين قبيلة العوازم ومعهم سرايا للملك تقاتل في صفهم فقال نواف منور العازمي :
(( الناس راس وذنب وانتم كماهم روس وأذناب****خل النمـاره تنـزل روسهـا وتمـد يدهـا ))
أي انك ياعبدالله الميزاني تتحدث عن امور ومشاكل قبائل حدثت بين شيوخ ورؤس وانت لست منهم فلماذا تستميت في الدفاع عنهم , أي أنك من عامة مطير ولست مؤهلا للدفاع .
هذا بيت فتل سيجد الشاعر الكبير عبدالله الميزاني معنى قوي جدا ينقض حجة نواف العازمي فقال الميزاني :
(( حنا لقيناك يابيت الشعـر عمـدان واطنـاب ***** ماتستعـز البيـوت وبنيهـا كنـه هـددهـا ))
معنى رائع وقوي اغلق الباب على حجة نواف العازمي ومعناه أن البيت لابد له من عمود يقوم عليه وطنب يشد به البيت على لايرتخي ويقصد بها عبدالله أصل القبيلة ومكانتها , فالقبيلة التي من هذه الفئة لاتقوم على عمود وطنب يسندها , فمهما بنت أو مهما فعلت فإنها مثل هدمها أي لاقيمة لشئ تفعله لأن الأساس والعمود والطنب غير موجود .
ومن نفس المحاورة هناك بيت آخر يقول العازمي فاتلا لمعنى :
(( خلوني أضرب بسيفي كل ماحصلت مضراب *** هاذي علوم الحقيقية ياابن غازي وأعتمدها ))
يقول العازمي أن قبيلتة متى ماوجدت الفرصة فأنها ستضرب عدوها , فلاتلام على فعلها لأن ذلك الزمن كان الكل يتربص ببعض والعدواة قائمة .
نقضه عبداله الميزاني بصورة قوية جدا فقال :
(( ياراس مشعاب في هذا السنه ماانته بمشعاب ***** والعين ماادري يصدق دمعها ولا رمدها ))
راس مشعاب هي منطقة جنوب الخفجي وقعت فيها معارك بين العوازم ومطير سابقا فقال أبن غازي هل دمعة العين البسيطة ويرمز لها بما فعل العوازم بقتل قليل من مطير بمن فيهم الشيخ هابس ابن عشوان وعددهم لايتجاوز 10 رجال , هل يقارن بالرمد الذي وقع للعين حتى دونت تلك الحادثة كتب التاريخ ودونت انقاذ ابن صباح للعوازم من الفناء وإدخالهم الكويت وايقاف الدويش عن مطاردتهم بالطائرات البريطانية .
فهل دمعة العين مثل رمدها .
ولكن رغم حساسية مايتحدث عنه الشاعرين نواف العازمي وعبدالله الميزاني من امور قبلية الا انهما دخلا وخرجا بدون ان يكتشف أحدا ماكانا يتحدثان عنه , وأتذكر الحفلة جيدا فقد كانت عند العوازم ولم يحصل فيها أي شئ يعكر الجو , بعكس الشعراء الشباب الي لايتقنون الرمز ودفن المعنى وياتون بأبياتهم واضحة جدا فمثلا اذا أراد الحديث عن مشاكل القبائل ومعاركهم فأن الجمهور يعرف ماذا يقولون وكيف يردون ويحدث حرج كبير جدا وقد حدثت الكثير من المشاكل للشعراء الشباب وأتذكر موقف سلطان الجلاوي في حفل مزاين قبيلة قحطان عندما كان ضيفا لتلك القبيلة فرد على شعرائها بوضوح لأن الشعراء الشباب لايتقنون هذا الفن ويلعبون بشكل سطحي وواضح ولم يخرج من تلك القبيلة الا بحراسة أكثر من خمس دوريات شرطة حتى تم ايصاله الى بلدته , وهنا الفارق الذي اتحدث عنه كثيرا .
الشعراء الكبار حفظوا كرامة هذا الفن من السطحية , لكن الجمهور السطحي ادخل الشعراء السطحيين معه حتى يكاد هذا الفن يتحول الى صراع ديكة لايلبث ان يمل منه الجميع ويغادرونه بغير رجعة , لابد من إحياء اصول المحاورة الحقيقية هذا الفن الجميل والعريق , وأنقاذها والا أصبحت حديثا تذروه الرياح .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::
من الفتل والنقض أيضا .
وفي محاورات أهل الحجاز وهي مقياس رائع لهذا الفن الأصيل لأنهم هم قاعدته الاساسية ومنهم انتشر الى غيرها من المناطق .
كانت محاورة بين الشاعر الكبير الجبرتي رحمه الله وبين مبروك ابو ناب الحربي وكان موضوعها وكما يتضح من االابيات هي طريق رئيسي تم ايصاله لديار قبيلة سليم وهي في الحجاز بين مكة والمدينة وكان جيرانهم قبيلة حرب , وكان الطريق عليه نزاع وكل قبيلة تريد أن يمرها وحصلت عليه قبيلة سليم اخيرا ومر بديارها , ومثل هذه الطرق تخدم القرى وتحييها وتنعشها تجاريا اضافة الى تخفيف المسافات على أهلها , لذلك قال الجبرتي ابيات فكاهية لأبوناب الحربي, قائلا له ( مرّ ديار سليم على الطريق وتمش فيها وأكشت وأعمل رحلة برية لكن لاتبني فيها بيوت لأن سليم لن يسمحون لك وهذه أبيات جميلة قالها الجبرتي :
(الخط ميّل مع ديار سليم يوم الحظ قام *** واليوم ديرة حرب يامبروك يعوي ذيبها
لا كن تعالوا عندنا ياصاحبي وابنو خيام *** بس الحجر والطوب والأسمنت لا تبني بها )
نقض مبروك الحربي ابيات الجبرتي بمعنى رائع ذاكرا له بأن الفعل يوم كان لأهل الفعل قبل ستين سنة أي عندما كانت القبائل تفعل والدولة غير موجودة فأن قبيلة حرب هي التي تفوقت , واليوم وقت الأمان فأن الأمر للحكومة غصبا عن الجميع سواء رضينا او زعلنا أو وصل الخط لدياركم او ديارنا فيقول مبروك ابو ناب الحربي :
( حنا كسبنا الأولات اللي لها ستين عام **** تدري بها والا ليا ذا الحين ماتدري بها
والخط ماهو خطكم تخطيط مرحوم العظام *** واليوم نمشي به على خبث الدروب وطيبها )
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::
يقول شاعر مغمور اعلاميا لكنه كبير كعادة شعراء الحجاز القدماء وهو حبيب الزبالي الحربي :
(( ما كرهنا الطرقة اللي درجّت شيخ القبيلـة
جالنا بأول شهر هذا الشهر جيتـو وجينـا ))
أي أن شيخكم ياقبيلة سليم وهم قبيلة خصمه الشاعر ( ابو مشعاب ) يقول ان شيخكم أتي لنا قديما في مثل هذا الشهر ولم نكره طرقته اي لم نكره قدومه الينا رغم انه يريد القتال وهذا دليل شجاعتنا , ودرجته منيته الينا في ديارنا .
فنقض بيته ابو مشعاب السلمي بصوره رائعة فقال ابو مشعاب السلمي :
( عهدنا بك في زمان النار تقبـس بالفتيلـة
غاب نجم سهيل والليلة ظهر جيتـو وجينـا )
يقول اننا نعرفك ونعرف قبيلتك في زمان النار اي وقت تقاتل القبائل نراك تفبس بفتيلة البندقية لكن نجمك غاب في ذلك الزمن من فعول القبائل فيكم .
لكنه الليلة ظهر في وقت الآمان .
وهذا النقض الحقيقي وابداع الكبار .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::
وفي محاورة بين الشاعرين الكبيرين مطلق الثبيتي وأحمد الناصر الشايع يقول مطلق لناصر في بيت فكاهي ومعروف ان الناصر صاحب تدين والثبيتي يقول ان لعبك في المحاورات ومقارعتك للشعراء الهتك عن الدين والعبادة فيقول الثبيتي :
(نسيت الفقه والتوحيـد والتفسيـر والتجويـد***بعد عودت معهم كـل يـوماً تلعـب الكـوره)
رد عليه الناصر يقول اك يالثبيتي تعض وأنت لم تأخذ جواز لسفرك الأدبدي وهو الموت فأنت بلاجواز وبضائعك لآخرة قليلة فكيف تنصحني وانا لا اضيع جوازي فيقول الناصر :
( تكايدني واناخا بـرك رجـالاً تحـب الكيـد***جوازك للسفر ما فيـه توقيـعاً ولا صـوره )
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::
في نقض طريف وفكاهي جرى بين الشاعرين الكبيرين محمد شريف الجبرتي رحمه الله وبين مستور العصيمي .
وكانا مسافرين على طائرة لدولة شرق آسيا , وكانا يتندران على أن النساء والرجال يشبهون بعضهم , فخطرت للجبرتي أبيات قالها وهم في الطائرة فقال الجبرتي :
( اليوم يامستور من تحت السماء فوق السحاب = والبنت ماتعرف من الرجّال غير بحسها )
حسها = صوتها .
ويقول الجبرتي أنني قلت هذا البيت حتى يقول العصيمي ( ؟؟؟ سها ) عضو المرأة .
يقول أردت احراجه .
لكن العصيمي بذكائه خرج من الفخ وأعطى الجبرتي حل بسيط فقال :
( أن كانها صعبه عليك الرب حلال الصعاب = ادخل يمينك مع مخيط البنطلون وعسها )
يعني تلمّس وتحسس بيدك حتى تعرف هل هو رجل أو امرأة .
وهذا البيت طريف جدا وبقى لطرافته , وهو من جميل النقض الرائع والذكي , فقد وجد العصيمي حل لمشكلة الجبرتي ووضع يمينه في مخيط البنطلونات ! .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::
في نقض للشاعر الرائع جدا عبدالله الميزاني وهو الملقب ( سوار الذهب ) حمل هذا الاسم لأن شعره ذهب حقيقي وهو شاعر كبير جدا , ابعده المرض عن الساحة وكذلك ماتعانية الساحة من ضعف وركاكة كبيرة ودخول الطحية والشعراء الضعفاء واستحواذهم على الساحة ففضل الابتعاد عندما ابتعد الكبار ايضا مثل شليويح شلاح ومثل خلف هذال ومثل ابن شايق ومثل سعود ابن رازن وخليف ابن دواس وحبيّب العازمي
وغيرهم من الشعراء الكبار الذين فضلوا الانسحاب حفاظا على كرامة الشعر .
وفي فتل ونقض رائع بين الشاعرين حبيب العازمي وعبدالله الميزاني في محاورة قبل مايقارب سنة من الآن , و كان بيت المعنى في تلك المحاورة هو قول حبيّب العازمي
( أنا شاعر ولي وجهة نظر وحده فقط لاغير
أقول الشعر غبه من طفح عنها تعداها )
أي ان المعنى سيكون عن الشعر .
أمثلة من النقض والفتل في تلك المحاورة .
1- قال حبيّب العازمي :
( والا ياطير ياللي مايشوفك غير جن مطير
متى تلقى الطيور اللي مخاليبك تعشاها)
يقول الشاعر حبيب لعبدالله الميزاني أنك ياعبدالله طير حر وتصيد , لكنك محصور عند قبيلتك مطير ولاتجد فرائس كثيرة تصيدها أي لاتتواجد بكثرة بين الشعراء أو لست متواجدا بين الشعراء الكبار .
فمتى ستجد الفرائس أو الشعراء الذين ستتغلب عليهم من القبائل الاخرى أذا كنت محصور في قبيلتك مطير فقط !!!.
فقال عبدالله الميزاني :
( أقول انك واشك انك تبيع الاجر بالتأجير
وهاذي عدها يالعازمي وانا اتعداها)
أي أنك ياحبيب متواجد لكن بخدمة التأجير ومكاتب تأجير الشعراء التي يملك الشاعر حبيب منها العديد وهذه المكاتب تخدم الشاعر لأنها تضع شروط مسبقة وشلل شعراء , وشروط على من يطلب الشعراء , فعندما يأتي الزبون لطلب شاعر يضعون له قائمة سوداء لايلعب معهم , وكذلك يضعون للزبون شعراء مفضلين أو ينسقون بينهم في مقابلاتهم ويضعون جداول حتى يقابلوا بعض وغيرها من طرق الاحتكار والشلل المعروفة عن هذه المكاتب , وحبيب ومستور العصيمي وصياف الحربي رحمه الله كانوا يملكون مكاتب كثيرة خاصة في الحجاز وابعدوا عنهم شعراء كبار مثل عبدالله الميزاني ومثل فيصل الرياحي وغيرهم ,.
لذلك يقول عبدالله أن سبب تواجدك مع الشعراء الكبار هو بسبب مكاتب التأجير التي خدمتك وابعدتني عنكم وعن افتراسكم .
ويقول عبدالله أني اتعدى هذه الطرق واتجاوزها لاني أكبر منها ولا أنزل نفسي لمثل هذه الطرق الملتوية .
2-ثم في بيت فتل ونقض آخر يقول حبيب العازمي في بيت اوله مدح وآخره هجاء مبطن :
( أنا مانيب مثل اللي يقولون الذهب قصدير
واخو مره على الجره لاكحلها ولا اعماها)
يعني أنا لست مثل من يقول الذهب ويقصد الشاعر سوار الذهب فلست اقول انك قصدير , وهذا مدح , لكنه وكعادة الشعراء في وضع المطبات قال له :
( اخو مرة على الجرة لاكحلها ولا أعماها )
أي أنك لم تعمي العين ولم تكحلها فأنت وسط .
نقض عبدالله الميزاني بيت حبيب بصورة رائعة فقال بنفس طريقة حبيب مدح في الشطر الاول وهجاء مبطن في الشطر الثاني , وهذا هو النقض باصوله الحقيقية :
( وأنا مااقول فيك اطقوق لاقاصر ولاتقصير
ليا ضيعت لك حاجه بعد شهرين تلقاها )
أي انك ياحبيب أذا ضيعت أو لم تعرف المعنى في المحاورة فانك تجده أو تعرفه بعد شهرين .
وبعدما مدحه في الشطر الاول مافيك قصور واطقوق , تحول للهجاء المبطن وبنفس طريقة جبيب فقال انك ياحبيب اذا ضيع المعنى لم تجده أو تعرفه فلن تجده الا بعد شهرين من المحاورة .
فهذا اسواء من الذي لم يكحل ولم يعمي .
3- وأيضا في اقتباس من آية كريمة يقول حبيب :
( لو ان الذيب يمشي لين يصدم في جبال النير
مصيبة قوم صالح ناقة الله وسقياها )
أي أنك ياعبدالله مثل من يحاول ان يصدم جبل , والنير جبال معروفة في نجد , ويقول حبيب انت ياعبدالله ناقة الله وسقياها وتطلق على الرجل الذي لايعلم أين طريقه أو وين الله حاطه .
رد عليه عبدالله غازي بأقتباس من آية كريمة ايضا , وهنا يتضح قوة النقض آية بآية دالة على المعنى بكل قوة . .
فقال الميزاني ناقضا المعنى بروعة كعادته :
( من اللي يحسبن الخمر والميسر لحم خنزير
والارض وماطحاها من ضحاها الليل يغشاها )
أي أنك ارض ياحبيب والأرض أسفل السماء , وأن الليل يغشاك منذا الضحى أي أنك في ظلام الغباء منذا اول الطريق أو منذا أول المحاورة وأنت يغشاك ظلام هذا الغباء .
مقتبسا ذلك من قوله تعالى ( والأرض وماطحاها والقمر اذا تلاها والليل أذا يغشاها )
ووظف الميزاني معناه في ان حبيب منذا الضحى رمزا لأول المحاورة ولأن الضحى اول النهار , فمن الذي يغشاه الليل منذا الضحى ؟؟ , هذا الليل الذي يغشى هو ظلام الغباء ولأن الحديث عن المحاورة وقوة الشعراء وضعفهم فقد كانت توظيفات ونقض رائع جدا من الفذ عبدالله الميزاني ( سوار الذهب ) .
وروعة أخرى لتوظيف عبدالله الميزاني للمعنى كان من نفس السورة سورة
( الشمس ) وقد أخذ منها حبيب قول اله تعالى ( ناقة الله وسقياها ) ووظفه وكما هو معروف ومتداول أن هذا الوصف يطلقه اهل نجد على الرجل الأجودي الذي لايعلم أين موضعه من الاعراب أو الرجل الداج والمعنى كله في الشعر لأن كل المحاورة كانت تتحدث عن شاعرية الشاعرين الكبيرين .
ووظف عبدالله الميزاني معناه بكل قوة في ضياع حبيب وتوهانه عن المعنى وغشيانه بظلام الغباء منذا أول المحاورة واقتبس ذلك كما قلت من الآية التي ذكرتها سابقا من نفس سورة ( الشمس ) .
وهذه المحاورة كاملة للإستزادة
حبيّب
سلام بقاف للعراف مطوي مثل طي البيـر = وطيّ البير يحفظها مايدفنهـا علـى ماهـا
أنا شاعر ولي وجهة نظر وحده فقط لاغير = أقول الشعر غبه من طفح عنهـا تعداهـا
عبدالله الميزاني :
هلا يامرحبا ترحيب يسبح في بحر ويطيـر = يحل من الديـار اللـي حبّيـب ماتحلاهـا
كلامـك مايتعبنـي بسيـط ولايبـا تفكيـر = ابا اكتب لك حروف منقطه بسطور وامحاها
حبيّب
والا ياطير ياللي مايشوفك غير جن مطير = متى تلقى الطيور اللي مخاليبك تعشاهـا
ياعبدالله هداك الله تراك بخير وانا بخيـر = لكن الرجل يتعب في لزومه لين يلقاهـا
عبدالله
أقول انك واشك انك تبيع الاجر بالتأجير = وهاذي عدهـا يالعازمـي وانـا اتعداهـا
أبو سبعة كفر يمشي ولاهو مثل ابوجنزير = ابوجنزير يسرف فالجبـال اليـا تولاهـا
حبيّب
أنا مانيب مثل اللي يقولون الذهب قصديـر = واخو مره على الجره لاكحلها ولا اعماهـا
لو ان الذيب يمشي لين يصدم في جبال النير = مصيبـة قـوم صالـح ناقـة اللهُ وسقياهـا
عبدالله
أنا مااقول فيك اطقوق لاقاصر ولاتقصيـر = ليا ضيعت لك حاجه بعـد شهريـن تلقاهـا
من اللي يحسبن الخمروالميسر لحم خنزيـر = والارض وماطحاها من ضحاها الليل يغشاها
حبيّب
ليا طاب المريض من المرض وش حاجة التقرير = نهايـة علتـه يومـن ربـي يـسّـر ادواهــا
عطاك الله من هموم الليال السـود حمـل بعيـر = وحدتّك الجمال اللـي هديـرك ضـاع فرغاهـا
عبدالله
سمعت انك عميل(ن)تدعم الارهاب والتفجير = من اللي كنت تنفض راسها وتحك علباهـا
ولاكن البنادم ماعليه ان المصيـر يصيـر = وتطهير النفـوس احسـان نيتهـا وتقواهـا
حبّيب
كبنك قد قضيت اسبوع في كابل وفي كشمير = وحالق لحيتـك وتعيـر العربـان بلحاهـا
والا يالزير سالم ليت مثلك لونـص الزيـر = علشان العرب تعرف عصاها اللي تعصاهـا
عبدالله
ولا يالعازمي مسرع ومتهور بـدون = انبيـرولا يازينها لـو القـدور البيـض بغطاهـا
أكل مفرودها سبع الخلا وازرت ترام الضير = ولاندري من اللي عندها ويـروح ماجاهـا
حبيب
أناخابرك ماتسرع ولاكنك عكست السير = وجتك النجده اللي يقبس ادناها مع اقصاها
عساها ماترام الا بعـد يحصلهـا تدبيـر = وعبدالله يرعاها مايدري كيـف يرعاهـا
أضافة و شرح للمحاورة بعض ماورد الرائعة جدا .
في آخر المحاورة معاني قوية عن مشاكل حصلت للشاعرين مع الحكومة أما اللي يحك راسها العازمي وعلباها فقد كانت رد أن حبيب قال أنك يالميزاني مريض وكما ذكرت سابقا فهو يعاني من أمراض عضوية , فقال عبدالله الميزاني أنك تحك راس وعلبا القاروروة ياحبيب , وبقية الابيات في آخر المحاورة ركزت على امور شخصية في الشاعرين أما أولها ومعظمها فقد كانت تتحدث عن شاعريتهم .
وفي آخر المحاورة يقول عبدالله الميزاني ( أنه مفرود الناقة الوحيد ) افردوه الشعراء الكبار وتركوه , والناقة رمز لفن المحاورة فعبدالله الأبن الوحيد لهذا الناقة أو لهذا الفن والبقية هم سباع غرباء لايمتون بصلة لتلك الناقة , والسبع رمز لظلم الناس أوأنهم اجتمعوا على ظلم هذا الشاعر الفذ والذي غلبه ظلمهم , ثم حاولوا وضع ضير , والتضيير هو أذا مات ولد الناقة يضعون جلده فوق حوار آخر حتى تشم أم الناقة رائحة جلد حوارها الميت ثم ترام الحوار الجديد وتظن أنه ولدها فتعطيه من لبنها وتعتبره ولداً لها بسبب طريقة وضع الجلد على الحوار الجديد , وهذا التصوير العبقري من الميزاني بقوله :
( أكل مفردوها سبع الخلا وازرت ترام الضير )
@أي ان عبدالله مفرود الناقة , رمزا الى أنه الشاعر الاصيل الوحيد .
@وأنه مفرود , والمفرود لفظ لأبن الناقة التي فطمته عن الرضاع , واستخدم عبدالله لفظ مفرود الرائع جدا والدال على ان الشعراء الكبار جعلوه فردا وحيدا وتخلوا عنه وحاربوه بكل قوة .
@سبع الخلا الذي اكل المفرود , هو ظلم الناس والجمهور وكذلك الشعراء الكبار له .
@ازرت أي عجزت
@ترام ’ أي ان الناقة عجزت أن ترام او تحن على الضير أو الأبن الجديد الذي يحاولون وضعه لها , ورمزية عبقرية لمحاولة الناس استخدام شعراء غير اصيلين ووضعهم جبرا وفرضهم على الناقة التي هي رمز للمحاورة أي اولئك الشعراء ملفقين وتخدع بهم تلك الساحة الرائعة .
@الضير هو الحوار وصغير الابل الذي ماتت أمه ثم يوضع عليه جلد حوار آخر ميت ويحاول أن يقرب من أم الحوار الميت حتى ترامه وتحن عليه وتنخدع وتظنه ولدها بسبب رائحة الجلد , وكل هذا الرمز لأن الشعراء الذين يحاول الناس فرضهم على ساحة المحاورة هم ملفقين .
سوار الذهب فعلا هو ( مفرود الناقة الوحيد ) والأغلبية الساحقة ( ضير الناقة الملفق )