عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 47 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: الكتابة في الأنساب

كُتب : [ 20 - 05 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف أتعامل مع من يتطاول على نسبي بلا مستند علمي ؟

الحمد لله رب العاملين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

من عجائب هذا العصر أن كثيراً من البدهيات نحتاج إلى التذكير بها يومياً .

اعلم أخي المبارك أن الدنيا دار بلاء وابتلاء، جهاد واجتهاد . فلعل من بلاء هذه الدنيا ما تشعر به من هجوم مسيء لعشيرتك الكريمة .

بل لقد تعرض الأشرف مني ومنك إلى الطعن في نسبه الشريف، فقد قال أحد المستشرقين : " لا يوجد نسب معروف لمحمد [ صلى الله عليه وآله وسلم ] سوى قصي بن كلاب وهو دخيل على مكة ولا يمت بأدنى صلة لإسماعيل ".

فهذا المستشرق الذي أجزم أنه لا يعرف اسم جده الخامس، تطاول وتطاول فهل بلغ بتطاوله الطول الذي قصده، أم استصغره زملاؤه المستشرقين ـ فضلا عن غيرهم ـ لأنه تعرض لقضية لا يفقه بها ؟!

صغار طلبة العلم يعرفون أن (( اسم قصي : زيد، وسمي قصياً لأن أمه فاطمة بنت سعد لما تأيمت من كلاب بن مرة ـ وقصي في حجرها ـ تزوجها ربيعة بن حرام العذري، وسار بها إلى بلاد الشام، فحملته معها ونشأ مع أخواله في باديتهم، وبعُدَ في مغيبه ذلك، وتقصَّى فسمي قصياً . فقال له أحدهم لما كبر : الحقْ بقومك فلست منا . فرجع إلى أُمه فأخبرها وسألها، فقالت : إنك من قوم أَشرف حَسَباً، وأَعزَّ منزلاً، وأَظهر فضلاً، وقد قالت لي كاهنة : إِنك تلي أمراً جليلاً، فطِبْ نفساً، وارتحل إلى أرض قومك حول الحرم . ثم لما انصرف إلى مكة من الشام، جمع قبائل قريش فسمي مجمعاً .. وكان قصي سيد قريش ورئيسهم، وكانت خزاعة قد وليت أمر البيت .. ثم ظهر قصي بعد ذلك على خزاعة حتى أخرجها من مكة إلى بطن مرو، وبنى دار الندوة لقريش، فكانوا لا يبرمون أمراً إلا فيها )) انتهى .

فإن كان بعض الصغار يتطاولون على نسب مشتهر لا يختلف فيه عاقلان، وخرست عن التطاول عليه ألسن الأعلم من المستشرق بأنساب العرب، والأحوج منه على الانتقاص من المقام النبوي الشريف .

فكيف بنسب الذين هم دونه ؟

كلا لن يؤثر تطاول الصغير على صحة نسب الكبير، ولا التفت الكبير إلى سفاهة الصغير .. وحالهما كحال بعوضة وقعت على نخلة عظيمة فلما طارت قالت لها : أعتذر عن إثقالي عليك فترة وقوفي على ساقك !!
فأجابتها النخلة : ما علمت بك لما وقعت ولا لما طرت .

- وبعد كل هذه المقدمة، يتضح أن أفضل حل هو ( التجاهل )، فإن كان السائل مستفهماً وطالب علم أعرض عليه أدلتي وأحاوره وفق أدب الخلاف .

وإن كان صاحب هوى أو أحمق فلا أجادله لأن القاعدة تقول : " لا تجادل أحمقاً فإن الناس حينئذ لن تفرق بينكم ".

- هل أفرح حين يشتمني شخص ؟ وهل أسكت له ؟

الجواب : الناس تعرف الناس .. واسأل أهل الحي عن فلان 1 وفلان 2، فإنهم يكادون يجمعون أن فلان 1 محترم مؤدب .. أما فلان 2 فسيء الطباع والخلق . وإن حصلت خصومة بينهما سيجزم الناس أن الحق مع فلان 1 يقيناً حتى لو لم يدخلوا في التفاصيل .

وقد قيل لأم المؤمنين عائشة : إن قوماً يشتمون أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله . فقالت : دعوهم، أبعدهم الله، فإنّ الله لما قطع عنهم العمل أحبّ أن لا يقطع عنهم الأجر .

وما أجمل قول الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ في الإحياء : " من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان ".

فكم شتم سفهاء الناس الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكم شتم السفهاء ولعنوا صحابته الكرام الذين عدلهم القرآن الكريم فانتقصوا منهم على غير وجه حق، وقبلهم الأنبياء الكرام لم يسلموا من تطاول الصغار عليهم .

إذاً علينا الصبر، والآخرة قريبة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

ولكن الحذر الحذر فقد يعجل الله بالعقوبة على المتطاولين؛ ليشف صدور المؤمنين .

- وذكر ابن حجر ـ رحمه الله ـ قصة تستحق التأمل، حين أورد في وصف حال أحد قضاة اليمن ساعة وفاته : " وقد اندلع لسانه وأسودَّ، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الشيخ / محيي الدين النووي رحمه الله تعالى ".

وأقول للأخ صاحب الموضوع الذي فيها إساءات :-

إن كنت حقاً من آل البيت الكرام فهذه ليست أخلاق آل البيت الذين نعرفهم، وإن لم تكن منهم فحنانيك علينا ولا تدخل مدخلا قد لا تستطيع الخروج منه .

والطعن في الأنساب من أمور الجاهلية التي جاء الإسلام بهدمها، وأذكرك بالحديث المشهور : " أنت امرؤ فيك جاهليه ".

وسأحدثك بهذه الحكايات، والحكايات جند من جنود الله كما ذكر قال الله سبحانه وتعالى " وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ " [ هود : 120 ] ". ومن تلك الحكايات والأقوال التي في مجال موضوعنا :-

- روى أحمد والبيهقي بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : جَعَلَ رَجُلٌ يَشْتِمُ أَبَا بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَجَعَلَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ، قَالَ : فَإِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَنْ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ قَعَدَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ مَظْلِمَةً فَغَضَى عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ ".

- دخل رجل على عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فجعل يشكو إليه رجلاً ظلمه ويقع فيه فقال له عمر : إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي، خير لك من أن تلقاه وقد اقتصصتها .

- جاء قوم عند محمد بن واسع، فأتى أحدهم يطعن في عرض أخيه .
فقال : اتق الله .
قال : فعل كذا .
قال : أنا لا أقول لك إنه فعل، أو لم يفعل، أما تذكر القطن إذا وضع على عينيك وأنت في القبر، فسكت الرجل .
- قال الخطابي ـ رحمه الله ـ : " معاشرة الأشرار تورث سوء الظن بالأبرار ".
- ومن الحِكم الشهيرة في هذا الباب، قول المتنبي ـ رحمه الله ـ :-

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
= وصدَّق ما يعتاده من توهّم

قال الواحدي ـ رحمه الله ـ في شرحه للبيت : " المسيء الظن لا يأمن من أساء إليه، وما يخطر بقلبه من التوهم على أصاغره يصدق ذلك ".

- وعلل الشاطبي ـ رحمه الله ـ سوء أدب بعض الناس مع الأكابر وإهمال إنصافهم .. بعلَّة تخلقهم بخلق ذميم وهو خلق : " اتباع الهوى "، فقال : " صاحب الهوى إذا دخل قلبَه وأشرِب حبه، لا تعمل فيه الموعظة، ولا يقبل البرهان، ولا يكترث لمن خالفه ".

- قال تاج الدين السبكي ـ رحمه الله ـ : " كنت جالساً بدهليز دارنا، فأقبل كلب، فقلتُ : اخسأ كلبَ بنَ كلب .
فزجرني والدي مِن داخلِ البيت . فقلت : أليس هو كلبَ بن كلب ؟
قال : شرْطُ الجواز عدَمُ قصد التحقير .
فقلت : هذه فائدة ".

- قال يحيى بن معين ـ رحمه الله ـ : " أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثاً ما أعلمتُ بها أحداً، وأعلمته فيما بيني وبينه . ولقد طلب إليَّ خلف بن سالم فقال : قل لي أي شيء هي ؟ فما قلت له ـ وكان يُحب أن يجِدَ عليه ـ ".

- قال يحيى بن معين : " ما رأيت على رجل قط خطأً إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره . وما استقبلت رجلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فان قبل ذلك وإلا تركته ".

- قال يونس الصدفي ـ رحمه الله ـ : " ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيته فأخذ بيدي ثم قال : يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ".

قال الذهبي ـ رحمه الله ـ معقباً : " هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون ".

- قال الزيلعي ـ رحمه الله ـ : " والله يأمر بالعدل، وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب ".
- أين نحن من الإنصاف الذي اشتكى من قِلته الإمام مالك ـ وهو يعيش قرون الخيرية رحمه الله ـ فقال : " ما في زماننا شيء أقل من الإنصاف ".

وعقب عليه ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ فقال : " من بركة العلم الإنصاف فيه . ومن لم ينصف : لم يفهم، ولم يتفهم ".

- قال يحيى بن أبي كثير ـ رحمه الله ـ : " خِصلتان إذا رأيتَهما في الرجل فاعلم أن ما وراءهما خيرٌ منهما : إذا كان حابساً للسانه، يحافظ على صلاته ".

- ومن الشعر في هذا :-

قالوا سكتّ وقد خوصمت قلت لهم
= إنّ الجواب لباب الشّرّ مفتاح

فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب
= نعم وفيه لصون العرض إصلاح

إنّ الأسود لتخشى وهي صامتة
= والكلب يحثى ويرمى وهو نبّاح

قال الشاعر :-

لا ترجعن إلى السفيه خطابه
= إلا جواب تحية حياكها

فمتى تحركه تحرك جيفة
= تزداد نتناً ما أردت حراكها

قال الشاعر :-

شاتمني عبد بني مسمع
= فصنت عنه النفس والعرضا

ولم أجبه لاحتقاري له
= من ذا يعضّ الكلب إن عضّا ؟

إخوتي : لنترك هذه الدنيا وخصوماتها جانباً، ولنلتفت إلى إصلاح أنفسنا بلا تباغض، متمثلين قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمر بن طلحة بن عبيدالله ـ وكان بينه وبين طلحة رضي الله عنه خلاف يوم الجمل ـ : " إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك في الذين قال الله عز وجل فيهم : " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ " [ الحجر : 47 ] ".

ختاماً : لن يفيدك ولن يفيدني النسب مجرداً، وأحذركم إخوتي من التكسب بالنسب الشريف، فأنت تفخر بنسبك الماضي .. ولكن : منذ ولدت وأنت تفخر بنسبك فمتى سيفخر بك نسبك ؟

انظر كيف كان علماء السلف يحترموننا : قال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل : " رأيت أبي إذا جاءه الشيخ والحدث من قريش ـ أو غيرهم من الأشراف ـ لا يخرج من باب المسجد حتى يخرجهم، فهم يتقدمونه ثم يخرج بعدهم ".

ولا أظن أن أحداً سيحترم السفيه ـ والذي يحاول تسفيه غيره ـ مهما كان نسبه !!!

أما كيف ساتعامل مع الذي يخوض في الحديث بغير علم، يكون بحسب حال الطرف الآخر :

- إذا كان أخ عزيز يريد التعلم وهو مأمون الجانب : أريه جميع وثائقي، ودون عرضها على العامة .

- إذا استفاض الخوض الطاعن في نسبي أقوم بعرض أبرز الوثائق المشتهرة، وأقوال أهل العلم وأعيان بلدي .. دون عرض جميع الوثائق .

- إذا كان سفيها يريد التعالم أو تضييع الوقت أو له هدف غير علمي من الاطلاع على وثائقي فهذا اتجاهله، وأكتفي بمعرفتي أنا بشرفي ومعرفة أهل بلدي .. ولا يهمني ذاك السفيه ولا أشباهه .. وقد تم ذكر مسوغات ذلك أعلاه . منقول بتصرف يسير من كتابة الدكتور / عبدالرحيم الشريف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس