عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 22 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: إثبات دعاوى النسب والطعن فيها

كُتب : [ 28 - 10 - 2009 ]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيَّال الغلباء مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبركاته وبعد : فإنه من الغريب أن بعض من لم يطلب العلم ولم يعرف قواعد الشريعة يتساهل في " الطعن " كما يتساهل غيره في " الإثبات " وكلاهما شهادة يحتاج معها الإنسان أن يشهد على مثل الشمس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على مثل هذه فاشهد ) وأشار إلى الشمس وقد قرأت الكثير من الدعاوى التي تتكلم عن تزوير الأنساب وبيعها وما إلى ذلك، وأنا حقيقة لا أثبت ولا أنفي هذا، لأن الدعاوى المرسلة تحتاج إلى إثبات وبينات وحقائق والدعاوى إن لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء وكل الدعاوى في مسألة التزوير أو الإدعاء منحصرة في أن الذين يدعون النسب لم يكونوا يعرفون في ذلك، أو أنهم يعتمدون على تشابه الأسماء، أو أنهم حققوا أنسابهم من هنا وهناك، ولكن لم أقف على مثال واحد فقط بحث فيه المدعي للتزوير النسب وأثبت خلاف ذلك، فهل الدعاوى بهذه السهولة ؟

ما هو الطعن في الأنساب ؟

عندما يدعي قوم نسبتهم إلى قبيلة من القبائل فإن دعواهم صحيحة مالم يقم الدليل القاطع خلاف الدعوى، والطاعن في نسبهم يحتاج إلى أن يعرف أن هناك نسبة من الصحة تدرأ عنهم الطعن حتى يثبت الخلاف القطعي لما يدعون، فعدم المعرفة لا يعني نفي العدم، وخاصة من القبائل المترحلة والمتنقلة في أرض الله الواسعة، فإخفائهم لنسبهم، أو بعد الشقة بينهم وبين ربعهم يجعلهم لا يعلنون نسبهم إلا بعد التحقيق والتدقيق، فخفاء النسبة لا يعني عدم صحتها ولفظة قوم اسم جنس جمعي لا واحد له من لفظه وجمع الجمع أقوام وبالقوم تتم الإستفاضة والتواتر والدين النصيحة في إثبات النسب والطعن في الإنساب وقد إشترط علماء النسب لثبوت النسب ثلاث طرق :-

1- أن يرى خط نسابة موثوق به يعرف خطه ويتحققه فيعمل به ويمشيى عليه .

2- أن تقوم عنده البينة الشرعية المثبتة وهى مقدمة على النافية فيعمل بها .

3-إعتراف أب بابن وإقرار العاقل على نفسه معمول به .

الطعن في الأنساب : جاء في الحديث : ( ثلاثة من الكفر التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة على الميت ) وقد قرر الإمام / الطبري في كتابه : ( كشف النقاب ) ما نصه : ( أن الطعن في الأنساب لا يعتبر إلا إذا جاء ممن يعتبر قوله من أهل العلم التام بالنسب وفنونه هذا مع الديانة والعدالة والسلامة من الحسد والأغراض ووقوع ذلك من الجم الغفير المستجمعين كلهم فردا فردا شروط المعرفة والعلم والعدالة مع السلامة من الحسد وموجبات التنافس والبغضاء وأسباب العداوة وذلك مع بلوغ الجم المذكور مبلغ التواتر بشروط معتبرة شرعا ) ثم قال في محل اّخر : ( كل نسب يثبت شرعا لا يلتفت بشأنه لطعن الطاعنين مطلقا والناس في أنسابهم كالناس في أملاكهم وتعارض البينة مثبت للنسب، فإن شهادة الإثبات راجحة ومقدمة على شهادة النفي وشهادة السماع مثبتة للشرف إذا كانت على وجهها مستوفية لشروطها كأن يقول القائل : أشهد أن فلان من أهل البيت الكريم يتناقل ذلك أبا عن أب فيهم إلى حين تاريخ إيقاع الشهادة فإذا أبرز بعد هذه الشهادة مدعى الشرف نسبه وقال : أنا فلان بن فلان حتى ينتهى إلى البتول عليها السلام ونفاه أخر يحد ولو لم يكن نسبه من الشهرة بمكان فإن العبرة بشهادة أهل المعرفة السالمين من الحسد والعداوة والبغضاء ويكفي أن يشهد المدعي الشرف أناس عدول بأنه من أهل البيت وهكذا سمع من العدول أيضا أن المدعي وأبائه يتناقلون دعوى الشرف بينهم ولا يقدح بشرفه عدم شهرته المستفيضة وإن شهد له جماعة من ذوي الشرف عدول بأنه منهم ونفاه آخر يحد لذلك، وقول الإمام / مالك رضي الله عنه الناس في أنسابهم على ما حازوا وعرفوا كحيازة الأملاك وقول الشيخ / بهرام الناس مصدقون في أنسابهم واتفق الأصحاب على أن النسب يثبت بمجرد الدعوى والحيازة ولا يعتبر الطعن بشهادة السماع إلا بصدوره ممن يعتبر قوله من أهل المعرفة والعدالة من الجم الغفير من الناس البالغين مبلغ الإستفاضة وعدد التواتر مع السلامة من أسباب العدواة والتنافس وإلا فصدور الطعن ممن لا يبالي بما يقول ولا فيمن يقول أو كان ذلك الطعن لأسباب حاملة عليها اقتضتها الجبلة الإنسانية كحسد أو منافسة أو تفوق وتعال فغير معتبر ولا ضار ولا قادح وقل أن يخلوا من ذلك أحد في عصر من الأعصار على الغالب سوى عصر النبيين المرسلين والصحابة المكرمين فهم مبرؤون من الحسد وإذا تعارضت شهادة العدول الإثبات في النسب فالمقدم شهادة الإثبات وإلا سلم التسليم والله سبحانه عليم ) ولما كان الأمر كذلك أعظم المصطفى صلى الله عليه وسلم شأن النسب فقال : ( من ادعى نسبا لا يعرف كفر بالله ومن تبرأ من نسب وإن دق كفر بالله )

أجرأ الناس على الطعن في الأنساب :-

قال الامام / الطبري رحمه الله : ( أن أجرأ الناس على الطعن في الأنساب إنما هم القوم الذين لا ينتهون إلى محتد شريف وأصل منيف وإلا فالذي زكا مولده وطاب محتده يمنعه حرصه على نسبه أن يطعن بنسب غيره فيجر ذلك الرجل للمقابلة بأن يطعن به أيضا فيأخذ بأقوال المخالفين في نسبه ويتبع عورات قديمة وهذا من الجهل الفادح والحمق الفاضح وقد سرى هذا الداء في بعض من ينتمي إلى الشرف من الجهلة لا غير وإلا فالعلماء العارفون في كل عصر من الحق يقومون ويقعدون وبالحق يحلون ويعقدون )

والغريب إن كثيرا من المتسرعين في الطعن لم يسلموا من طعونات في دعاواهم، ولعل ضوضاء الطعن هو تقوية لأنسابهم، والناس لا يخفاها هذا بل تعرف وتدركه، وإلا ما معنى أن يتحمل وزر التشكيك في أنساب الناس تأتي غالبا من أناس على أنسابهم مآخذ علمية كثيرة ؟ أليس في هذا ما يدعو إلى التأمل ؟

ثم لا بد من التفريق بين " التزوير" وبين " الخطأ " فلم يزل النسابة يعتمدون على اجتهاداتهم في تحقيق الأنساب، فيخطئون ويصيبون، وفرق بين تخطئة الاجتهاد وبين الطعن في النيات والمقاصد، وخاصة أن بين إثبات الدعاوى من أصحابها خرط القتاد، فلم يضع الإنسان في ذمته أمر لم يتحقق منه تحققا يقينا لا يقبل الشك ؟

ثم إن من المصالح العظمى لحماية الأنساب العربية أن لا يشاع عن أحد من نسابيهم هذه الدعاوى حتى لو كان الظن يغلب على تجاوزاته، لأن الناس لا تميز بين بلد وآخر، ولا بين نسب وآخر، فيكون الشك حاضرا في كل نسب عربي، وهذا يؤثر على كل العرب في كل مكان، وفي كل واد بنو سعد، وما أسهل الطعون على كل عمود نسب، ومن يريد أن يتابع الناس سيجد ما يعضد دعواه حتى لو كانت ضعيفة أو مهترئة ولكنها حتما ستشكك وتثير البلبلة والزوبعة .

إن من المصلحة والحكمة أن تناقش قضايا الأدعياء في أروقة المحاكم، وفي المجالس المغلقة مع كبار النسابة، ومع الدوائر المعنية الرسمية في هذا الأمر، ولا تكون ساحة الأنترنت ميدانا للتناوس والتطاعن، فيظلم البرئ بدعوى المدعي، ويدخل الناس في مشكلة ليسوا طرفا فيها، ويتيح هذا فرصة للطاعنين والمبغضين أن يطعنوا في أنساب العرب كلها فالحكمة الحكمة ترشدوا !!

المشكلة أن هناك منطلقات شعوبية وعنصرية ومناطقية وفئوية ينطلق منها البعض في الطعن بأنساب الآخرين، وكأن النسب حكرا على بلد دون بلد، وكأن النسب لا يليق إلا بآل فلان، مع أن فضل الله واسع يؤتيه الله من يشاء في كل أرض وتحت كل سماء والكلام في الأمر يطول ولعلي أكتب فيه استقلالا إن شاء الله .

كيف أتعامل مع من يتطاول على نسبي بلا مستند علمي ؟

الحمد لله رب العاملين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين من عجائب هذا العصر أن كثيراً من البدهيات نحتاج إلى التذكير بها يومياً اعلم أخي المبارك أن الدنيا دار بلاء وابتلاء، جهاد واجتهاد فلعل من بلاء هذه الدنيا ما تشعر به من هجوم مسيء لعشيرتك الكريمة .

بل لقد تعرض الأشرف مني ومنك إلى الطعن في نسبه الشريف، فقد قال أحد / المستشرقين : " لا يوجد نسب معروف لــ / محمد [ صلى الله عليه وآله وسلم ] سوى / قصي بن كلاب وهو دخيل على مكة ولا يمت بأدنى صلة لإسماعيل ".

فهذا المستشرق الذي أجزم أنه لا يعرف اسم جده الخامس، تطاول وتطاول فهل بلغ بتطاوله الطول الذي قصده، أم استصغره زملاؤه المستشرقين ـ فضلا عن غيرهم ـ لأنه تعرض لقضية لا يفقه فيها ؟!

صغار طلبة العلم يعرفون أن ( اسم / قصي : زيد، وسمي قصياً لأن أمه / فاطمة بنت سعد لما تأيمت من / كلاب بن مرة ـ وقصي في حجرها ـ تزوجها / ربيعة بن حرام العذري، وسار بها إلى بلاد الشام، فحملته معها ونشأ مع أخواله في باديتهم، وبعُدَ في مغيبه ذلك، وتقصَّى فسمي / قصياً فقال له أحدهم لما كبر : الحقْ بقومك فلست منا فرجع إلى أُمه فأخبرها وسألها، فقالت : إنك من قوم أَشرف حَسَباً، وأَعزَّ منزلاً، وأَظهر فضلاً، وقد قالت لي كاهنة : إِنك تلي أمراً جليلاً، فطِبْ نفساً، وارتحل إلى أرض قومك حول الحرم ثم لما انصرف إلى مكة من الشام، جمع قبائل قريش فسمي مجمعاً وكان / قصي سيد قريش ورئيسهم، وكانت خزاعة قد وليت أمر البيت ثم ظهر / قصي بعد ذلك على خزاعة حتى أخرجها من مكة إلى بطن مرو، وبنى دار الندوة لقريش، فكانوا لا يبرمون أمراً إلا فيها ) فإن كان بعض الصغار يتطاولون على نسب مشتهر لا يختلف فيه عاقلان، وخرست عن التطاول عليه ألسن الأعلم من المستشرق بأنساب العرب، والأحوج منه للإنتقاص من المقام النبوي الشريف فكيف بنسب الذين هم دونه ؟

كلا لن يؤثر تطاول الصغير على صحة نسب الكبير، ولا التفت الكبير إلى سفاهة الصغير وحالهما كحال بعوضة وقعت على نخلة عظيمة فلما طارت قالت لها : أعتذر عن إثقالي عليك فترة وقوفي على ساقك !! فأجابتها النخلة : ما علمت بك لما وقعت ولا لما طرت .

- وبعد كل هذه المقدمة، يتضح أن أفضل حل هو ( التجاهل ) فإن كان السائل مستفهماً وطالب علم أعرض عليه أدلتي وأحاوره وفق أدب الخلاف .

وإن كان صاحب هوى أو أحمق فلا أجادله لأن القاعدة تقول : " لا تجادل أحمقاً فإن الناس حينئذ لن تفرق بينكم ".

- هل أفرح حين يشتمني شخص ؟ وهل أسكت له ؟

الجواب : الناس تعرف الناس واسأل أهل الحي عن فلان الأول وفلان الثاني، فإنهم يكادون يجمعون أن الأول محترم مؤدب أما الثاني فسيء الطباع والخلق وإن حصلت خصومة بينهما سيجزم الناس أن الحق مع الأول يقيناً حتى لو لم يدخلوا في التفاصيل .

وقد قيل لأم المؤمنين / عائشة رضي الله عنها : إن قوماً يشتمون أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالت : دعوهم، أبعدهم الله، فإنّ الله لما قطع عنهم العمل أحبّ أن لا يقطع عنهم الأجر وما أجمل قول الإمام / الغزالي ـ رحمه الله ـ في الإحياء : " من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان ".

فكم شتم سفهاء الناس الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكم شتم السفهاء ولعنوا صحابته الكرام الذين عدلهم القرآن الكريم فانتقصوا منهم على غير وجه حق، وقبلهم الأنبياء الكرام لم يسلموا من تطاول الصغار عليهم إذاً علينا الصبر، والآخرة قريبة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

ولكن الحذر الحذر فقد يعجل الله بالعقوبة على المتطاولين؛ ليشف صدور المؤمنين .

- وذكر / ابن حجر ـ رحمه الله ـ قصة تستحق التأمل، حين أورد في وصف حال أحد قضاة اليمن ساعة وفاته : " وقد اندلع لسانه وأسودَّ، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الشيخ / محيي الدين النووي رحمه الله تعالى " وأقول للأخ صاحب الموضوع الذي فيها إساءات :-

إن كنت حقاً من الأحرار الكرام فهذه ليست أخلاق الأحرار الذين نعرفهم، وإن لم تكن منهم فحنانيك علينا ولا تدخل مدخلا قد لا تستطيع الخروج منه والطعن في الأنساب من أمور الجاهلية التي جاء الإسلام بهدمها، وأذكرك بالحديث المشهور : " إنك امرؤ فيك جاهليه ".

وسأحدثك بهذه الحكايات، والحكايات جند من جنود الله كما ذكر قال الله سبحانه وتعالى : " وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ " [ هود : 120 ] ومن تلك الحكايات والأقوال التي في مجال موضوعنا :-

- روى / أحمد و / البيهقي بإسناد حسن عَنْ / أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : " جَعَلَ رَجُلٌ يَشْتِمُ / أَبَا بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَجَعَلَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ / أَبُو بَكْرٍ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ، فَلَحِقَهُ / أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ، قَالَ : فَإِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَنْ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ قَعَدَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا / أَبَا بَكْرٍ، مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ مَظْلِمَةً فَغَضَى عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ ".

- دخل رجل على / عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فجعل يشكو إليه رجلاً ظلمه ويقع فيه فقال له / عمر : إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي، خير لك من أن تلقاه وقد اقتصصتها .

- جاء قوم عند / محمد بن واسع، فأتى أحدهم يطعن في عرض أخيه فقال : اتق الله قال : فعل كذا قال : أنا لا أقول لك إنه فعل، أو لم يفعل، أما تذكر القطن إذا وضع على عينيك وأنت في القبر، فسكت الرجل .

- قال / الخطابي ـ رحمه الله ـ : " معاشرة الأشرار تورث سوء الظن بالأبرار ".

- ومن الحِكم الشهيرة في هذا الباب، قول المتنبي ـ رحمه الله ـ :-

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
= وصدَّق ما يعتاده من توهّم

قال / الواحدي ـ رحمه الله ـ في شرحه للبيت : " المسيء الظن لا يأمن من أساء إليه، وما يخطر بقلبه من التوهم على أصاغره يصدق ذلك ".

- وعلل / الشاطبي ـ رحمه الله ـ سوء أدب بعض الناس مع الأكابر وإهمال إنصافهم بعلَّة تخلقهم بخلق ذميم وهو خلق : " اتباع الهوى " فقال : " صاحب الهوى إذا دخل قلبَه وأشرِب حبه، لا تعمل فيه الموعظة، ولا يقبل البرهان، ولا يكترث لمن خالفه ".

- قال / تاج الدين السبكي ـ رحمه الله ـ : " كنت جالساً بدهليز دارنا، فأقبل كلب، فقلتُ : اخسأ كلبَ بنَ كلب فزجرني والدي مِن داخلِ البيت فقلت : أليس هو كلبَ بن كلب ؟ قال : شرْطُ الجواز عدَمُ قصد التحقير فقلت : هذه فائدة ".

- قال / يحيى بن معين ـ رحمه الله ـ : " أخطأ / عفان في نيف وعشرين حديثاً ما أعلمتُ بها أحداً، وأعلمته فيما بيني وبينه ولقد طلب إليَّ / خلف بن سالم فقال : قل لي أي شيء هي ؟ فما قلت له ـ وكان يُحب أن يجِدَ عليه ـ ".

- قال / يحيى بن معين : " ما رأيت على رجل قط خطأً إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره وما استقبلت رجلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلا تركته ".

- قال / يونس الصدفي ـ رحمه الله ـ : " ما رأيت أعقل من / الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيته فأخذ بيدي ثم قال : يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ".

قال / الذهبي ـ رحمه الله ـ معقباً : " هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون ".

- قال / الزيلعي ـ رحمه الله ـ : " والله يأمر بالعدل، وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب ".

- أين نحن من الإنصاف الذي اشتكى من قِلته الإمام / مالك ـ وهو يعيش قرون الخيرية رحمه الله ـ فقال : " ما في زماننا شيء أقل من الإنصاف ".

وعقب عليه / ابن عبدالبر ـ رحمه الله ـ فقال : " من بركة العلم الإنصاف فيه ومن لم ينصف : لم يفهم، ولم يتفهم ".

- قال / يحيى بن أبي كثير ـ رحمه الله ـ : " خِصلتان إذا رأيتَهما في الرجل فاعلم أن ما وراءهما خيرٌ منهما : إذا كان حابساً للسانه، يحافظ على صلاته ". ومن الشعر في هذا :-

قالوا سكتّ وقد خوصمت قلت لهم
= إنّ الجواب لباب الشّرّ مفتاح

فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب
= نعم وفيه لصون العرض إصلاح

إنّ الأسود لتخشى وهي صامتة
= والكلب يحثى ويرمى وهو نبّاح

قال الشاعر :-

لا ترجعن إلى السفيه خطابه
= إلا جواب تحية حياكها

فمتى تحركه تحرك جيفة
= تزداد نتناً ما أردت حراكها

قال الشاعر :-

شاتمني عبد بني مسمع
= فصنت عنه النفس والعرضا

ولم أجبه لاحتقاري له
= من ذا يعضّ الكلب إن عضّا ؟

إخوتي : لنترك هذه الدنيا وخصوماتها جانباً، ولنلتفت إلى إصلاح أنفسنا بلا تباغض، متمثلين قول / علي بن أبي طالب رضي الله عنه لــ / عمر بن طلحة بن عبيدالله ـ وكان بينه وبين طلحة رضي الله عنه خلاف يوم الجمل ـ : " إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك في الذين قال الله عز وجل فيهم : " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ " [ الحجر : 47 ]

ختاماً : لن يفيدك ولن يفيدني النسب مجرداً، وأحذركم إخوتي من التكسب بالنسب، فأنت تفخر بنسبك الماضي ولكن : منذ ولدت وأنت تفخر بنسبك فمتى سيفخر بك نسبك ؟

انظر كيف كان علماء السلف يحترمون قريش : قال / عبدالله بن الإمام / أحمد بن حنبل : " رأيت أبي إذا جاءه الشيخ والحدث من قريش ـ أو غيرهم من الأشراف ـ لا يخرج من باب المسجد حتى يخرجهم، فهم يتقدمونه ثم يخرج بعدهم ".

ولا أظن أن أحداً سيحترم السفيه ـ والذي يحاول تسفيه غيره ـ مهما كان نسبه !! أما كيف سأتعامل مع الذي يخوض في الحديث بغير علم، يكون بحسب حال الطرف الآخر :-

- إذا كان أخ عزيز يريد التعلم وهو مأمون الجانب : أريه جميع وثائقي، ودون عرضها على العامة .

- إذا استفاض الخوض الطاعن في نسبي أقوم بعرض أبرز الوثائق المشتهرة، وأقوال أهل العلم وأعيان بلدي دون عرض جميع الوثائق .

- إذا كان سفيها يريد التعالم أو تضييع الوقت أو له هدف غير علمي من الاطلاع على وثائقي فهذا اتجاهله، وأكتفي بمعرفتي أنا ومعرفة أهل بلدي ولا يهمني ذاك السفيه ولا أشباهه وقد تم ذكر مسوغات ذلك أعلاه . هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول بتصرف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
بسم الله الرحمن الرحيم

الطعن في الأنساب :-

أ- الطعن في نسبة الولد لوالده : كأن يقول إن هذا الإبن ليس من أبيه، وإنما إبن فلان ولذلك قال الامام / النووي في رياض الصالحين ج 1 / ص 291 : " 7 - باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع قال الله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) الأحزاب 1578 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ) رواه مسلم وقال صاحب التيسير في شرح الجامع الصغير : " ج 1 / ص 476 " والطعن في الأنساب أي أنساب الناس بأن يقال هذا ليس بابن فلان " وقال / ابن الجوزي : " كشف المشكل ج2 / ص 397 : " الطعن في الأنساب فهو نوع القذف " وهذا مثل ما وقع لــ / أسامة بن زيد حين شكك بعض أهل وقته في نسبته لأبيه / زيد بن حارثة رضي الله عنهما فأظهر الله تصديقه على لسان رجل من البادية لا يعرفه ولا يعرف أباه وإنما اكتشف ذلك بالقافة .

ب- الطعن في نسب عشيرة لقبيلة من القبائل بدون علم : وأعظم من ذلك أن يكون بعلم ولكن لهوى في النفس كبغض، وحقد وتنافس قال / ابن تمام الدمشقي في مسند المقلين ج 7 / ص 161 : " قوله الطعن في الأنساب : أي القدح من بعض الناس في نسب بعض بغير علم " أي أن ما كان بعلم ومعرفة فليس به شيء ولا يعتبر طعنا وإنما توضيح حقيقة " وقال العلامة / ابن حجر العسقلاني في كتابه العظيم لشرح أحاديث صحيح البخاري : " فتح الباري ج 7 / ص 161 : " الطعن في الأنساب أي القدح من بعض الناس في نسب بعض بغير علم " وقال الشيخ / محمد بن عبدالوهاب : " الفتاوى ج 1 / ص 54 : " الطعن في الأنساب فُسِّر بالموجود في زماننا ينتسب إنسان إلى قبيلة ويقول بعض الناس ليس منهم من غير بينة بل الظاهر أنه منهم " والمعنى أن هذا ذنبه عظيم، أما إذا كان من علم ومعرفة كنقل واقع معين، أو أمر مستفيظ في منطقة، أو إطلاع على وثيقة معروفة وموثقة، أو كتا ب قديم فهذا لا بأس به بل إن ذلك من إنكار المنكر الذي حذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو إدعاء النسب فقال : ( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) وقد يسأل البعض ما الفائدة في ذكر نسب فرد لقبيلة بل هو إما قدح أو تنقص، فأقول لا فكثير من الأحكام الشرعية تبنى على علم النسب مثل :-

1- قضية دفع الدية : فهناك من يتهرب إذا كان المبلغ ضخما وهو من العاقلة ومن القبيلة فتجده يقول نحن لا نقرب منهم تهربا من الحقوق المالية .

2- قضية الإرث : فهناك أسر تنقرض وتفنى ويبقى لهم أموال وتخرج لهم أسر وقبائل تدعى قربهم للاستيلاء على هذه الأموال فهنا تكمن الحاجة لعلم النسب .

3- قضية أحقية آل بيت رسول الله من بيت المال : وهذه النقطة بالذات جعلت كثيرا من الناس على مدى العصور الإسلامية يدعى النسبة الشريفة _ مع أن اّل البيت الحقيقين كُثر _ ولكن ليس كل من ادعى فهو من آل البيت, وأنا اعتقد لو فتح المجال فسينكب الكثير حتى من غير العرب بسبب الدافع المادي وآخيراً أحب أن أبين أن المقصود من الطعن في الأنساب هو نفية الولد من أبيه، أو نفي الرجل أو أسرته من قبيلة بدون دليل، وأن هناك جريمة أكبر من الطعن في الأنساب وهي إدعاء النسب إلى غير أبيه أو قبيلته أو مواليه وأترككم مع هذين الكتابين لهذين العالمين كتاب الكبائر للشيخ / محمد بن عبدالوهاب قال : " ج 1 / ص 36 باب الطعن في الأنساب :-

عن أبي هريرة مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في الأنساب والنياحة على الميت )

باب من ادعى نسباً ليس له :-

ولهما عن سعد مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) - ولهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كافر ) ولهما عن علي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا )

باب من تبرأ من نسبه :-

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كفر من تبرأ من نسبه وإن دق أو ادعى نسباً لا يعرف ) وللطبراني معناه من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولأبي داود وابن حبان عن أبي هريرة مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته وأيما والد جحده ولده وهو ينظر إليه إلا احتجب الله عنه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الخلائق من الأولين والآخرين )

وقال / ابن حجر الهيثمي في كتابه الزواجر 2 / 641 : " الكبيرة الثانية والثالثة والتسعون بعد المائتين تبرؤ الإنسان من نسبه أو من والده وانتسابه إلى غير أبيه مع علمه ببطلان ذلك " أخرج الشيخان وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ) وأبو داود والنسائي وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لما نزلت آية الملاعنة أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه وفضحه على رءوس الخلائق من الأولين والآخرين ) والشيخان : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر ومن ادعى من ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه بالمهملة أي رجع " والشيخان : " من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا " والبخاري : " لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فقد كفر " والطبراني في " الصغير " من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وحديثه حسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفر من تبرأ أو كفر بالله من تبرأ من نسب أو رق أو ادعى نسبا لا يعرف ) ورواه الطبراني في " الأوسط " : " من ادعى نسبا لا يعرف كفر بالله أو انتفى من نسب وإن دق كفر بالله " وأحمد : " من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاما أو مسيرة سبعين عاما " وفي رواية لابن ماجه ورجالها رجال الصحيح : " ألا وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام وكأنه يختلف باختلاف المدركين فمن الناس من يشمه من مسيرة خمسمائة عام ومنهم من يشمه من مسيرة سبعين سنة " وأبو داود : " من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة " تنبيه عد هذين هو صريح هذه الأحاديث الصحيحة وهو واضح جلي وإن لم أر من صرح به والكفر فيه بمعنى أن ذلك يؤدي إليه أو استحل أو كفر النعمة ".

معــــــــــــــــــــرفة النسب والتعصــــب له :-

وبين هذين الأمرين اختلاف كبير وليست المسالة مسالة راي شخصي كل يدلي بدلوه أبدا إنما القضية محسومة شرعا فالشريعة فرقت بين هذين الأمرين الأمر الأول أعني معرفة النسب مطلوب شرعا بل رتبت على من أنكر نسبه وإن دق كما جاء في الحديث كفر أي كفر أصغر ولعنت من أنكر نسبه كمن ينكر والده قال الله تعالى : ( ادعوهم لاّبائهم هو أقسط عند الله ) وفي الحديث : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) فلمعرفة النسب فوائد أذكرها على سبيل الاختصار منها :-

1) صلة الرحم .
2)معرفة المهدي المنتظر ولا يمكن معرفته إلا بالنسب ومعرفته .
3) تمييز القوم الذين هم أشد الناس على الدجال وهم بني تميم ولا يمكن معرفتهم إلا بمعرفة النسب وحفظه .
4) تمييز آل البيت ونسب النبي صلى الله عليه وسلم إذ يترتب على معرفة من آل البيت أحكاما شرعية فمن ثبت أنه منهم لم يجز له أن يأخذ الصدقة إن كان فقيرا فلا يعطه إلا من كان من آل البيت وهذا أيضا لا يمكن معرفته إلا بمعرفة النسب .
5) عدم اختلاط الأنساب .
6) تمييز العربي أصالة من غيره لأنه يترب عليه أحكاما في الزواج حيث يذهب كثير من أهل العلم وخصوصا عندنا في المذهب اشتراط الكفاءة في الزواج وأنه لا يصح أن يأخذ العربي إلا مثيلته ولذا لما سئل / أحمد رحمه الله تعالى عن هذا وقيل له : ما تقول في أسامة ؟ قال : عربي سبي بل ذهب بعضهم إلى اشتراطه في القضاء وغيره ولا يعني هذا رجحان قولهم ولكن ذكر عند طائفة من أهل العلم مما يدل على أهمية الأصالة .
7) إنزال الناس منازلهم ولذا يقول / ابن كثير كلاما معناه لما أغرق الله فرعون ومن معه ومات سادتهم بقي عبيدهم ونسائهم فترى سيادة النساء على الرجال .
8) ما من نبي يبعث إلا ويبعث أعلى نسبا في قومه حتى لا يعير بنسبه وليكون أدعى لقبوله كما قال الله تعالى : ( ولولا رهطك لرجمناك وماانت علينا بعزيز )
9) تفاوت الناس من حيث النسب أمر وتفاوتهم من حيث الأعمال أمر اّخر فرتب الله على الأولى أحكاما وعلى الثانية أحكاما فالأولى لا تكون إلا بالنسب ومعرفته كمعرفة المهدي والثانية بالتقوى وهي أمر مشترك بين جميع بني اّدم وجعل الفيصل بينهم التقوى فلا تخلط رحمك الله بين الأمرين كما وردت أحاديث كثيرة في فضل بعض القبائل كقيبلة هوازن واشتهارهم بالفصاحة وغيرها ليس هذا مجال طرحه أما العصبية الممقوتة فهي التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام أنها من خصال الجاهلية التي تبقى في أمته وذكر منها الطعن في الأنساب والتفاخر في الأحساب فلا يعني إنك من اّل البيت أن تتحقر وتصغر الناس ومع هذا فلم ينفع أبو جهل نسبه بل إن أبا وأم رسول الله هم من الكفار كما ورد في الحديث إن أبي وأباك في النار وهذه هي العصبية الممقوته فلا تقتصر على القبيلي من غيره فالعرب كانوا يحقرون قبيلة تسمى بأنف الناقة حتى برز فيها شاعرا وكانوا من عادة العرب الاجتماع في سوق يقال له عكاظ يتحاورون فيه ويكون فيه سجالا بين شعرائهم فخرج هذا الشاعر من هذه القبيلة وأنشد معريا من هجاهم مفتخرا بنسبه فقال منشدا :-

هم الأنوف والأذناب غيرهم
= ومن يساوي بأنف الناقة الذنب

فارتفعت اسهم تلك القبيلة وصار لها مكانه عندهم فهذا أيضا من التطاعن في النسب ومن مظاهر التطاعن في النسب قول بعضهم أنت مطيري أو حربي أو عتيبي أو شلوي أو عنزي أو قحطاني أو دوسري الخ يقصد بذلك التقليل من الّاخرين ورفع نسبه أو ما يشتهر بين الحاضرة والبادية من طعن فيما بينهم عند بعضهم أو القول انت خضيري الخ فهذه هي العصبية الممقوته والمنتنة .

فنسال لماذا ينهى عنها الشارع ؟

الجواب وبكل بساطه لأنها مدعاة للحقد بين المسلمين ولما فيها من كبر وغطرسة وتعلي على الاّخرين وخصوصا بين المسلمين العرب وبين المسلمين العجم فهذا من شأنه التفرقة ولا يخفاكم أن الشريعة جاءت لجمع قلوب المسلمين لا تفرقتهم والأدلة على ذلك كثيرة مشهورة مبسوطة كما حصل بين أبي ذر وبلال لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم إنك امرؤ فيك جاهلية وعليه فمسائل الزواج ينبغي أن تكون بين الأكفاء كل يأخذ من يناسبه وهذا ما يراه فضيلة الشيخ / ابن باز لما يترتب على ذلك من مشاكل لا حصر لها وغيره فالناس سواء فلا بأس أن يتقدم غير القبيلي القبيلي في الإمامه إن كان أحسن منه وكذا في القضاء وغيره وأما ما يحصل من مجتمعنا من تزوجهم من خارج البلد وترك التي من بلدهم بحجة النسب فهذا لا شك أنه خلل أيضا لكن لا ندعوا إليه بل على القبيلي أن يأخذ القبيلية وغير القبيلي يأخذ نظيرته احترازا من المشاكل التي قد تصل عند بعضهم للقتل والقصص كثيرة معروفة ولا يعني هذا أنه لا يجوز جواز بعضهم من بعض نعم يجوز على القول الراجح وإلا فأحمد وغيره يرون بطلانه ولذا يقول / أحمد يفصل منها يعني غير العربي من العربية والمقصود العربي أصاله لا من تكلم العربية كالمصريين وغيرهم ففرق بين من أصله عربي ومن يتكلم العربية ووافق / أحمد جمع من العلماء مبسوط في موضعه وأخيرا ينبغي أن نشتغل بما هو مفيد وأن تترك مثل هذا المسائل التي من شانها التفرقة وأخيرا هذا أمر الله والله أعلم وأحكم بأحوال عباده والقول بعدم التفريق مطلقا يستلزم تسوية الناس بنسب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مما لم يقل به أحد من أهل العلم فيما أعلم وإنما التفرقة التي في قوله تعالى : إن اكرمكم عند الله أتقاكم يعني من حيث الأعمال ولا علاقة للنسب بذلك ولا يعني أنه يراد منها ترك البحث عن النسب بل إن الشريعة صرحت بوجوب تعلم النسب في قوله صلى الله عليه وسلم : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) ولفظ تعلموا تقتضي الوجوب ولا أعلم له صارفا لكن لا شك إنه كفائي والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اّله وصحبه أجمعين ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وأقول : كما أن الطعن في النسب كبيرة فالافتخار به أيضا كبيرة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ـ الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت ) هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .




التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 08 - 11 - 2009 الساعة 00:09
رد مع اقتباس