عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post الناس مؤتمنون على أنسابهم

كُتب : [ 25 - 10 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فقد كتب أحد الإخوة حول مقولة : [ الناس مؤتمنون على أنسابهم ] قائلا : يكثر في أيامنا هذه ترديد مقولة أو قاعدة : " الناس مؤتمنون على أنسابهم " ، ونرى كثيرا من الباحثين ومدعي العلم والعامة يستخدم هذه القاعدة ليثبتت صحة انتسابه لقبيلة أو عائلة ما وكثير ممن يدعون النسب الشريف يدندنون حول هذه المقولة ليثبتوا انتسابهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك رأينا أن نفرد هذه القاعدة ببحث مختصر لتبيين معناها للناس حتى لا يلتبس عليهم الأمر .

مغالطات حول أصل المقولة :-

يعتقد كثير من الناس أن مقولة : " الناس مؤتمنون على أنسابهم " حديث شريف روي عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا اعتقاد خاطيء ولا يستند إلى أية دليل معتبر .

كثير من الكتاب والعامة يروون المقولة مكتفين بجزها الأشهر متناسين أو جاهلين بتتمة العبارة وهي : " ما لم يدعوا شرفا ". إذا فالمقولة الصحيحة كاملة هي : " الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا ".

أصل المقولة ومصدرها :-

عبارة : " الناس الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا "، تنسب إلى الإمام / مالك وهي قاعدة فقهية وليست قاعدة أنساب بل إنها لم ترد ابتداء في كتب الأنساب المعتبرة بل نقلها كتاب متأخرون كتبوا في علم الأنساب دون دراية مما ساعد في انتشار المقولة واعتبارها قاعدة في الأنساب لا تقبل الجدال .

ويذكر الشيخ / بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته في كتابه الموسموم : " معجم المناهي اللفظية" - في طبعته الثالثة الصادرة عام 1416 للهجرة - حول أصل هذه المقولة ما نصه :-

" هذا لا أصل له مرفوعا . ويذكر علماء التخريج أنه من قول / مالك وغيره من العلماء . وإلى هذه الساعة لم أقف عليه مسندا إلى الإمام / مالك أو غيره من العلماء، فالله أعلم ". انتهى كلامه .

ويذكر فضيلته في كتابه الموسوم : بــ : " فقه النوازل قضايا فقهية معاصرة " أن هذه العبارة لا أصل لها مرفوعاً، ويؤثر عن الإمام / مالك رحمه الله تعالى . انتهى .

ومما تقدم نخلص إلى أن هذه المقولة ما هي إلا قاعدة فقهية تستخدم في مسائل اللقطاء وإلحاق ولد الفراش، والمواريث، وما شابهها من مسائل فقهية .

معنى المقولة ومدلولاتها :-

" الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا " تعني أن الناس مؤتمنون على أنسابهم مالم يدعوا الشرف ويثبت خلاف ما يدعون، فإذا ما ثبت خلاف ما يدعون سقطت القاعدة ولم يعتد بها وقد أورد الشيخ / بكر بن عبدالله أبو زيد فائدة حول هذه المقولة في كتابه : " فقه النوازل " حيث قال : " وهاهنا فائدة يحسن تقييدها والوقوف عليها وهو أن هذا ( أي مقولة الناس مؤتمنون على أنسابهم ) ليس معناه تصديق من يدعي نسباً قبلياً بلا برهان، ولو كان كذلك لاختلطت الأنساب، واتسعت الدعوى، وعاش الناس في أمر مريج، ولا يكون بين الوضيع والنسب الشريف إلا أن ينسب نفسه إليه وهذا معنى لا يمكن أن يقبله العقلاء فضلاً عن تقريره إذا تقرر هذا فمعنى قولهم : " الناس مؤتمنون على أنسابهم " هو قبول ماليس فيه جر مغنم أو دفع مذمةٍ ومنقصة في النسب كدعوى الاستلحاق لولد مجهول النسب . والله أعلم ". انتهى كلامه .

وهو هنا يقرر شروط لقبول المقولة وهي كما ذكر :-

أن لا يكون فيها جر مغنم
أن لا تكون لدفع مذمة أو منقصة في النسب .
وبدون شك ألا تكون ادعاء لشرف أو ألا يثبت خلافها .

ضعف الاستدلال بها :-

هذه القاعدة تعتبر قاعة هشة لا يعتد بها دائما ومما يدل على ذلك أنك تجد أفرادا يتنسبون إلى قبيلة واحدة أو أسرة واحدة يختلفون حول انتسابهم إلى جد معين وتجد اختلافهم كبيرا وهذا أمر ملاحظ ومعروف وكثير ممن اشتغلوا بعلم الأنساب وألفوا فيه وتعمقوا لا يثقون بهذه القاعدة ولا يعتدون بها لأنه ثبت لهم أن الناس قد يجهلون أنسابهم .

التحذير من الإنتساب لغير الأب :-

وردت أحاديث صحيحة عديدة في التحذير والوعيد لمن انتسب لغير أبيه وهو يعلم، ولا شك أن مثل هذا الأمر مدعاة لاختلاط الأنساب وضياع للحقوق وكذب صريح ومثل الإنتساب إلى غير الأب الإنتفاء من النسب الصحيح وكلا الأمرين إثم عظيم يترتب عليه وعيد أعظم فقد ورد في الصحيح عن / أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار ". صحيح البخاري ( 6 / 539 ) وعن / أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر " ( صحيح البخاري ( 12 / 54 ) حديث ( 6768 ) وهاهنا نرى أن الإنتساب لغير الأب مع العلم ذنب عظيم يقتضي دخول النار والعياذ بالله وأن الانتفاء من النسب الصحيح المعلوم صحته كفر نسأل الله السلامة .

وختاما نؤكد على أن الخوض في الأنساب دونما علم بيّن أمر خطير ولا بد لمن يكتب في الأنساب أن يجعل مخافة الله نصب عينيه وألا يكتب إلا بعد تمحيص وتدقيق واستيقان .

المصادر :-

1. صحيح البخاري ( 6 / 539 ) و ( 12 / 54 )
2. فقه النوازل " قضايا فقهية معاصرة "، الجزء الأول، ص : 122، مؤسسة الرسالة .
3. معجم المناهي اللفظية ... / تأليف بكر أبو زيد . - ط.3. - الرياض، السعودية : دار العاصمة، 1996 . هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس