عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 40 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: معلقة / عمرو بن كلثوم التغلبي الوائلي

كُتب : [ 27 - 07 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : إليكم هذا الموضوع عن قبيلة تغلب في الجاهلية وقوتها ومنعتها ومن ثم ننتقل إلى سيادة كليب على ربيعة وسطوته وشهرته ونبذة عن يوم خزاز .

تغلب في الجاهلية :-

ينبي المأثور من أخبار تغلب ومن شعرائها أنها كانت قبيلة عزيزة الجانب، أبية عصية الا أن يكبح جماحها متسلط بجبروت، وأنها كانت ذات أنفة وفخر عريض بما توارثته أجيالها من حسب عد، ومآثر باقية، وانتصارات حققها فرسانها وأبطالها الصيد على السوقة والملوك، وأنها كانت تنزل حيث تريد بكل أرض تتخذها مصيفا أو مرتعا وتصحر أينما تشاء لا تخشى أحدا ولا يمتنع من دونها أحد، لعزتها، وقوة بأسها، فمع الغيث منزلها تستقبل به ولها صفو المشارع، والورد أولا، ولها الأمن، ويثير اسمها الرعب ولها الشبع والري حتى نكاد نصدق قولا / الأخنس التغلبي :-

ونحن أناس لا حجاز بأرضنـــا
= مع الغيث ما نلقي ومن هو غالب

بينما نقف من دون علوم / عمرو بن كثلوم في قوله :-

ملأنا البر حتى ضاق عنـا
= ونحن البحر نملؤه سفينـا

إذا بلغ الرضيع لنا فطاما
= تخر له الجبابر ساجدينــا

وقد اشتهر من قبيلة تغلب من يدعى الأراقم، وكانوا ستة : جشم ومالكا وعمرا وثعلبة ومعاوية والحارث، وهم الذين أشار إليهم / الحارث بن حلزة في قوله :-

إن إخواننا الأراقم يغلون
= علينا في قيلهم أحفـــاء

وافتخر القطامي الإسلامي بنسبه فيه إذ قال :-

ويرفدني الأراقم خير رفـــــد
= وشيبان بن ثعلبة القروم

بيد أن أكبر بطنين من بطون تغلب كانا بني جشم بن بكر ومالك بن بكر، ومن بني جشم / عمرو بن كلثوم ومن ولد عمرو بن كلثوم بن عمرو العتابي، مالك بن طوق صاحب الرحبة المعروفة باسمه، وكان يعاصر العتابي ويتودد إليه ومن بني تغلب الحمدانيون سيف الدولة وناصر الدولة والأمير / أبو فراس الحمداني .

ونستطيع تتبع سير الأحداث التي وقعت في الجاهلية بين العرب عامة وبكر وتغلب خاصة وبين الفرس في عهد سابور الملقب بذي الأكتاف، لنتعرف على أول تاريخ لها، وعلى ميادين هذه الأحداث لنلقي الضور على هجرتها وتنقلها هنا وهناك ونستقصي الدوافع التي كانت وراء هذه الهجرة .

ففي منتصف القرن الرابع الميلادي، وسابور الثاني الذي رأى دولته تنقص من أطرافها قد حزم أمره عندما بلغ أشده على أن يسترد ما اغتصب من نواحي مملكته، وأن يبطش بالذين كانوا لا يفتأون يعملون يد السلب والنهب في كل ما يصلون إليه على امتداد التخوم المجاورة لبلاده من سواحل البحرين حتى أعالي العراق حيث كانت تسكن قبائل عربية من ربيعة ومضر واليمن وبخاصة بكر وتغلب وعبدالقيس وتميم، فقتل سابور منهم وسبى، وعتا عتوا شديدا، حتى قيل : أنه كان ينزع أكتاف رؤوسهم ومن أجل ذلك سمي سابور ذا الاكتاف .

وتحدد الوقائع التي وقعت بين نزار واليمن ثم بين بكر وتغلب نوع العلاقة التي كانت تحكمهم، وأسباب الصراع الذي كان ينشب بينهم، كما أنها توضح معالم المنازل ولا ديار التي كانوا يحلون بها ويحمونها، فمنذ غزتهم حمير وخضعت بلاد نجد لإمرة / زهير بن جناب الكلبي، قاومت تغلب سلطانه، ورفضت دفع الأتاوة التي فرضها عليها، وكان هذا الرفض سببا في بطش اليمينيين تحت قيادة / زهير بن نزار، وبتغلب خاصة، إذ أسر كليبا ومهلهلا ً، ثم كان يوم الثأر يوك خزار، حين جمعت معد جموعها وقادها كليب في معركة النصر، واشتهر ذلك اليوم في شعر شعراء تغلب، وافتخروا ببطولة شجعانهم وعظم وفدهم فيه، فقال مهلهل يرثي أخاه كليبا :-

من عرفت يوم خـــــــــــزاز له
= عليها معد عند جيد الوثـــــوق

إذا أقبلت حمير في جمعهـــا
= ومذحج كالعارض المستحيق

وجمع همدان لهم لجبـــــــــــة
= وراية تهوي هوى الأنـــــــوق

ولم يصح ما قيل من أنه : ( لولا عمرو بن كلثوم ما عرف يوم خزاز ) إذ قال :-

ونحن غداة وفدٍ في خزازي
= رفدنا فوق رفد الرافدينــــا

فقد سبقه إلى ذلك مهلهل كما قيل، والسفاح التغلبي / سلمة بن خالد القائل :-

هلهلة بت أوفد في خزاز
= هديت كتائبا مستحيرات

وخزاز جبل في عالية نجد الشمالية، ولا يزال يعرف باسمه لهذا اليوم وكان انتصار كليب في هذا اليوم انتصارا للعرب وفخراً لتغلب لم تزل تردده أجيالها المتعاقبة، ولذلك عد مقتل كليب بسبب ناقة خسارة نشبت من أجلها حروب طويلة الأمد قيل أنها بلغت أربعين سنة منذ أوائل القرن الخامس، وقد دارت رحاها على أماكن كثيرة، وطحنت منهم خلقا عظيما وكان أيامها في خمسة مواضع، هي على ترتيب البكر في ( معجم ما استعجم ) : ( النهي )، وكان منهلا لشيبان بن بكر في بلاد اليمامة ( والذنائب ) وهي بنجد ( وواردات ) بنجد أيضا في موضع عن يسار طريق مكة، وهو الذي قال فيه / مهلهل التغلبي :-

فإني قدر تركت بواردات
= بجيراً في دم مثل العبيــر

وتلك الثلاثة الأيام كانت الغلبة فيها لتغلب، وكذلك اليوم الرابع، يوم عنيزة الذي انتصر يه مهلهل على بني عمه بقوله :-

كأننا غدوة وبني أبينا
= بجنب عنيزة رحيا مدير

أما اليوم الخامس فقد تغيرت فيه الحال، وهو يوم قضة أو يوم التحالق وقضة : جبل على مسير ثلاث ليال من اليمامة وفيه لقيت تغلب من بكر هزيمة، وذهبت بكر بالفخر لانتصارها في تلك الموقعة التي شهدها / الحارث بن عباد، وكان قد اعتزل هذه الحروب التي نشبت بمقتل كليب لأنه استفظع قتله في ناقة وفي هذا اليوم قال :-

قربا مربط النعامة منـــي
= لقحت حرب وائل عن حيال

لم أكن من جناتها علم الله
= وأني بحرها اليوم صـــال

وإنما سمي يوم التحالق في قول الرواة لأن الحارث أمر قومه أن يحلقوا رؤوسهم ليكونوا معلمين، وافتخر طوقة بهذا النصر لأنه كان عظيما ولأنه كان أول يوم انتصفت فيه بكر من تغلب في حرب البسوس فقال :-

سائلوا عنا الذي يعرفنــــــــا
= يقرانا يوم تحـــــــــــلاق اللمم

ويوم تبدي البيض عن أسواقها
= وتلف الخيل أعراج النعــــــــم

ثم جرت أحداث بعد هذه الأيام لم تبلغ مبلغها، ووقعت مزاحفات ومغاورات على فترات، حتى قيل : إن حرب البسوس دامت أربعين سنة تعقب فيها بعضهم بعضا على ساحة أرض ربيعة من شبه الجزيرة العربية والجزيرة الفراتية الى أن كان يوم الثأر ( في الكلاب الأول ) لتغلب من بكر عندما عاد الحيان إلى خلافهم القديم بعد ما حقن دمائهم / الحارث بن عمرو المقصود أمير كندة ووسط شبه الجزيرة العربية، وقد وقع الخلاف بين بكر وتغلب

وكانت بكر إلى جانب / شرحبيل بن الحارث ووقفت تغلب إلى جانب أخيه / سلمة بن الحارث بن عمرو الذي قتله / المنذر الثالت أمير الحيرة من قبل كسرى أنو شروان ( 529 هـ ) ومن ثم إختلف ابناه على الحكم من بعهده

وكانت تلك الواقعة المشهورة بيوم الكلاب، والكلاب ماء تميم، أو هو ماء بين البصرة والكوفة، وقد افتخر / جابر بن حني بانتصار قومه التغالبة وبلائهم فيه بقوله :-

فيوم الكلاب قد أزالت رماحنا
= شرحبيل إذا آلي إليَّة مقســـــم

لينتزعن أرماحنا، فأزالـــــه
= أبو حنش عن طهر شقاء صلدم

وجابر هذا هو الذي كان يشكو مما صارت إليه أحوال قومه تغلب من تفرق وذل وما خضعوا له في مهاجرهم بأرض شمالي العراق من عسف وإرهاق بغرائب ثقيله فقال :-

وفي كل أسواق العراق أتــــــــاوة
= وفي كل ما باع أمرؤ مكس درهم

أما أبو حنش المذكور في هذا الشعر فهو / عصم بن النعمان بن مالك ابن عم / عمرو بن كلثوم

وبمقتل شرحبيل وانهزام بكر ولجوئها إلى جوار المنذر الثالث بذل محاولته لاصلاح ذات بينهما ليتمكن من بسطة سلطانه عليهما والاستعانة بهما في قتال / الحارث بن شمر الغساني، وقد تم الصلح بينهما بمعاهدة مكتوبة أشار إليها / الحارث بن حلزة في قوله :-

واذكروا حلف ذي المجاز وما قام
= فيه العهود والكفـــــــــــــــــــــلاء

حذر الجور والتعدي وهل ينقـــض
= ما في المهارق الأهـــــــــــــــواء

ومع ذلك قتل / الحارث الغساني / المنذر الثالث فحاول ابنه المنذر الأخذ بثأره، ولكنه قتل أيضا في الوقعة المعروفة بعين أباغ - وهي طرف بأرض العراق مما يلي اليوم - ثم ملك أخوه / عمرو بن هند ( 554 - 568م ) وثأر من الغساسنة لأبيه وأخيه مستعينا بالبكريين إذ كانت تغلب له كارهة، وبينهما بقيت بكر في جوار اللخمين جنودا في قتال أعدائهم، ذهبت تغلب مناوئة لعمرو بن هند وخارجة عن بسطة سلطانة إلى حد تهديده وعصيان من ولاه عليها، كما يصور ذلك / عمرو بن كلثوم في قوله :-

بأي مشيئة عمرو بن هند
= نكون لقليكم فيها قطيينا

تهددنا وتوعدنا رويـــــدا ً
= متى كنا لامك مقتوينــــا

مشيرا بذلك إلى محاولة إخضاعهم على / العلاق التميمي ولكنه فشل، وجرى قتل / عمرو بن هند على يد / عمر بن كلثوم في قصة مشهورة ثم سرعان ما تفاقم الشر بين بكر وتغلب في وقعة ذي قار التي ذهبت بكر مفاخرة، بانتصارها على الفرس وعلى من وقف إلى جانبها بدافع من أحقاده القديمة مثل بطون تغلب والنمر وقضاعة المستوطنين بأرض الجزيرة الفراتية، وكانت غلبة بكر سببا في تحرير قبائل كثيرة في وسط شبه الجزيرة العربية من النير الأجنبي ومهدت بهذا النصر الطريق لظهور الإسلام .

مرت هذه الأحداث والوقائع على امتداد النصف الثاني من القرن الخامس وشملت القرن السادس ومطلع السابع، والذي يتتبعها يلاحظ هجرة بعض القبائل العربية من الجنوب والوسط ويلحظ أن العامل الاقتصادي وبعض العوامل الجتماعية كانت وراء هذه الهجرة منذ بدأت في القرن الثاني عشر بنزوح السبئيين بسبب انهيار سد مأرب وبسبب القحط الذي أصاب أرض اليمن وحضرموت، فرحلت قبائل من كنده إلى نجد، وبعض الأزد إلى شمال اليمن ويثرب المدينة كما هاجرت قضاعة وخزاعة وتنوخ وخثعم وجذام وكلب وعاملة وطيء إلى الوسط وشمال شبه الجزيرة، وامتدت هجرة بعضها حتى بلغت سهول الفرات وبعض حواضر الشام كحاضر قنسرين وحاضر حلب اللذين كانا لتنوخ ومعها غيرها من القبائل ووقع اختيارهم لسكني هذه الحواضر وأنها كانت تقع في أطراف المدن قريبا من البوادي خضوعا لنظام الحياة الذي دأبوا عليه وألفوه .

ولعل بداية هجرة تغلب تعود إلى ما قبل عهد / سابور الثاني الملقب بذي الأكتاف الذي أوقع بعرب ربيعة في منتصف القرن الرابع حينما قصد بمرا وتغلب فيما بين مناظر الشام والعراق فقتل وسبى وغور مياههم وكانت هجرتهم بطيئة وتمت على مراحل لأنها كانت ترتبط بالظروف والأحداث السابقة .

سيادة كليب على ربيعة :-

لما مات / ربيعة بن الحارث سيد قبائل ربيعة بن نزار في أواخر القرن الخامس للميلاد خلفه كليب في السيادة، وكان / لبيد بن عقبة عامل ملوك كندة قد تزوج الزهراء أخت كليب فطغى على ربيعة وثقلت وطأته عليهم فأنكرت الزهراء عليه صنعه بربيعة فقال لها ما بال أخيك كليب ينتصر لمضر ويهدد الملوك كأنه يعز بغيرهم فقالت : ما عرف أعز من كليب وهو كفو لها، فغضب لبيد ولطمها لطمة أغشت عينها فخرجت إلى أخيها كليب وهي تقول شعرا ً :-

ما كنت أحسب والحوادث جمة
= أنا عبيد الحي من قحطـــــــان

حتى أتتني من لبيد لطمــــــــة
= فغشت لها من وقعة العينــــان

إن ترض أسة تغلب ابنة وائــل
= تلك الدنية أو بنو شيبــــــــــان

لا يبرحوا الدهر الطويل أذلـــــة
= هدل الأعنة عند كل رهـــــــان

فلما سمع كليب قولها ورأى ما بها من أثار اللطمة ثارت به حميته فهجم على لبيد وعلاه بالسيف فقتله وقال :-

إن يكن قتلنا الملوك خطــــــــــــــأ
= أو صوابا فقد قتلنا لبيـــــــــــــــدا

وجعلنا من الملوك ملوكــــــــــــــا
= بجياد جرد تفل الحديـــــــــــــــــدا

ذا شعار الحرب الذي يحلف الناس
= به قومكم ونذكي الوقــــــــــــودا

أو تردوا لنا الأتارة والفــــــــــيء
= لولا نجعل الحروب وعيـــــــــــــدا

إن تلمني عجائز من نـــــــــــــزار
= فأراني فيما فعلت مجيــــــــــــدا

فلما رأت ربيعة أن كليبا قتل لبيدا أيقنت بأن الحرب بينهما وبين ملوك كندة لا محالة، وكان للبيد أخ فخرج حتى أخبر / ابن عنق الحية بقتل أخيه فأبلغ ذلك إلى / سلمة بن الحارث ملك قيس فبلغه إلى ملوك كندة وحمير باليمن فجهزوا جيشا كثيفا وسيروه إلى ديار ربيعة وجاءت الأخبار إلى كليب بما أعد له أهل اليمن فنادى في قومه بالغارة فأجابته القبائل من ربيعة ومضر وأياد وطيء وقضاعة وعقد الألوية وتقدمهم برهطه حتى غشى جيوش اليمن فوقعت بينهم عدو وقائع .

وكانت قبائل اليمن قد نزلت خزازي وعليهم عشرة من أقيال حمير فلما علم كليب ذلك ألفى النفير في جموعه وحثهم على الثبات، ثم قدم على كل قبيلة قائدا فقدم / الأحوص بن جعفر على مضر و / مرة بن ذهل أبا جساس على ذهل وشيبان و / ذهل بن حارثة على ربيعة و / طرفة بن العبد على قيس وجعل على مقدمته / سلمة بن خالد وهو السفاح التغلبي وأمره أن يعلو خزازي فيوقد النار ليهتدي بها الجيش، وقال له إن غشيك العدو فأوقد نارين، وكانت طلائع اليمن وبعض الأقيال قد سبقوهم إلى ماء الذنايب فسار إليهم كليب بمجموعة فقتلتهم عن آخرهم ثم اتجه نحو خزازي فأوقد السفاح لهم نارا فهجمت عليه قبائل مذحج وعليها / سلمة بن الحارث فرفع السفاح نارا أخرى فأقبل كليب في جموع ربيعة فصبحهم والتقوا بخزازى واقتتلوا قتالا شديدا داما أياما فانهزمت جموع اليمن وانتصرت نزار نصرا ً مؤزرا ً وفي ذلك يقول كليب شعرا ً :-

لقد عرفت قحطان صبري ونجدتي
= غداة خزازي والحتـــــــــوف دوان

غداة شفيت النفس من ذل حمــــير
= وأورثتها ذلا بصدق طعــــــــــــان

دلفت إليه بالصفائح والقنـــــــــــا
= على كل ليث من بني غطفــــــــان

ووائل قد جزت مقاديم يعــــــــرب
= فصدقها في صحوها الثقـــــــلان

قال / ابن الأثير : وكان يوم خزازى أعظم يوم التقته العرب في الجاهليه، فإن نزارا لم تكن تنتصف من اليمن ولم تزل اليوم قاهرة لها في كل شيء حتى كان يوم خزازي فلم تزل نزار ممتنعة قاهرة لليمن في كل يوم التقوا به بعد خزازي حتى جاء الإسلام، ولما انتصر كليب وفض جموع اليمن وهزمهم في هذه الوقعة اجتمعت عليه معد كلها، وجعلوا له قسم الملك وتاجه وتحيته وطاعته، وكان من بغيه أنه كان يحمي مواقع السحاب فلا يعرى حماه، وكان له جرو وكلب فإذا نزل بمكان فيه كلأ، قذف ذلك الجرو فلا يرعى أحد من ذلك الكلأ امتداد عوائه فيختص هو به ولا يشاركهم في غيره حتى ضرب العرب به المثل، فاقلوا : ( أعز من كليب وائل وكان يجير على الدهر فلا تخفر ذمته )، وهو القائل لما أجهز عليه / عمرو بن الحارث :-

المستتجير بعمرو عند كربتــــه
= كالمستجير من الرمضاء بالنار

وكان أخوه مهلهل فارسا وشاعرا مجيدا / عدي بن ربيعة، ولما نشبت الحرب واشتدت بينه وبين بني عمه بكر، قال هذه القصيدة :-

اليلتنا بذي حسم انيــــــــــــــري
= إذا أنت انقضيت فلا تجـــــــوري

فإن بك بالذنائب طال ليلـــــــي
= فقد أبكي من الليل القصيـــــري

وأنقذني بياض الصبح منهــــــا
= لقد أنقذت من شر كبيـــــــــــــر

كان كواكب الجوزاء عـــــــــود
= معطلفة على ربع كسيــــــــــــر

وتسألني بديلة عن أبيهـــــــــــا
= ولم تعلم بديلة ما ضميــــــــــري

فلو نبش المقابر عن كليــــــــب
= فيخبر بالذنائب أي زيـــــــــــر

بيوم العبسمين لقر عينــــــــــــا
= وكيف أياب من تحت القبـــــور

وإني قد تركت بـــــــــــواردات
= بجيرا في دم مثل العبيـــــــــــر

ينوء بصدره والرمح فيـــــــــــه
= ويخلجه خدب كالبعيــــــــــــــر

هتكت به بيوت بني عبـــــــــاد
= وبعض القتل أشفى للصــــــدور

وهمام بن مرة قد تركنـــــــــا
= عليه القشعمان من النســـــــور

على أن ليس عدلا من كليـــــب
= إذا طرد اليتيم عن الجـــــــــزور

على أن ليس عدلا من كليــــب
= إذا رجف العضاة من الدبـــــور

على أن ليس عدلا من كليــــب
= إذا ما ضيم جيران المجيــــــــر

على أن ليس عدلا من كليــــب
= إذا خيف المخوف من الثغــــور

على أن ليس عدلا من كليــــب
= غداة بلابل الأمر الكبيــــــــــر

على أن ليس عدلا من كليـــب
= إذا برزت مخبأة الخـــــــــدور

على أن ليس عدلا من كليـــب
= إذا أعلنت بخيات الأمــــــــور

فدي لبني الشقيقة يوم جاءوا
= كأسد الغاب لجت في زئيـــر

كأن رماحهم أشطان بئــــــر
= بعيد بين جاليها جــــــــــرور

فلا وأبي جليلة ما أفأنــــــا
= من النعم المؤبل من بعيـــــــر

ولكنا نهكنا القوم ضربــــــا
= على الأتباج منهم والنحــــور

قتيل ما قتيل المرء عمـــــرو
= وجساس بن مرة ذو ضريـــر

كأنا غدوة وبني أبينــــــــا
= بجنب عنيزة رحيا مديــــــــر

فلال الريح أسمع أهل حجر
= صليل البيض تقرع بالذكــور

يَومُ فَلْجٍ :-

وهو يومٌ لبني تَغْلِبَ على بني تميم أَغارَ / النُّعمانُ بن زُرْعَةَ بن هَرْمِيّ بن السَّفَّاح بن خالِدِ بن كَعْب بن زُهَيرِ بنِ تَيْم بن أُسامَةَ، في خَيْل من بني تَغلِبَ، على بني تميم بفَلْجٍ، فلَمّا التقَى النّاسُ، وكان على تَميم / هُرَيمُ بن مالكٍ، فنَادى : يالَ مُضَرَ : يا آلَ خِنْدَفَ : ونادى النُّعْمَانُ : يا آلَ تَغلِبَ : يا آلَ مالِكِ بنِ بَكْرٍ : فحَشَدَتْ تَغلِبُ، وحَشَدَتْ تَمِيمٌ، واشتَدَّ القِتَالُ، وعَظُمَ الشَّرُّ بين الفريقَيْن، وكَثُرَ القِيلُ، ثم إِنَّ / حَسّانَ بنَ زُرْعَة، أَخَا النُّعْمَانِ، حَمَلَ على هُرَيمِ بن مالك الحَنْظَلِيّ، فطَعَنَه فصَرعَهُ، وتَنادَى القَوْمُ على دَمِهِ، فقُتِل من بني تميمٍ يومَئذٍ / مالكُ بن قُرَّةَ، و / عَوْفُ بن حابِسٍ و / ابنُ حُرْثَانَ، و / عِقَالُ بن أَوْسٍ و / عُطَارِدُ بنُ حارِثة، وخَلْقٌ وأُسِرَ من سَرَواتِهم نَفَرٌ، وأَصابَتْ تَغْلِبُ سَبَايَا وأَمْوالاً عِظَاماً، وقد كانت تَغلِبُ جالَتْ جَوْلَةً، فثبتَتْ بنو تَيْم بن أسامةَ خاصَّةً، حتى أَزالُوهم عن أَفارِيقهِم، وكانت كُمَاةَ النَّاسِ يومئذٍ بنو زُهَير بن تَيْمٍ، وأَوّلُ مَن قُتِلَ في هذِه الوَقْعَةِ غُلامٌ من بني عِمْرانَ بن تَغْلِبَ يُكْنَى / أَبا أُثَالٍ، كان حليفاً في بني حَنْظَلَة فقال في ذلك اليَوْم / النُّعْمَانُ بن زُرْعَةَ أبيات رائعة يقول فيها :-

لَعَمْرُ أَبِيكَ والأَنْبَاءُ تَنْـمِـي
= وقَدْ تُجْلَى العَمَايَةُ بالسُّؤَالِ

لِنعْمَ فَوَارِسُ الهَيْجَـاءِ تَـيْمٌ
= عَلى فَلْجٍ صَبَاحَ أَبِي أُثَـالِ

غَدَاةَ رَأَتْ نَوَاصِيَهَا تَـمِـيمٌ
= عِجَالَ الشَّدِّ سَاقِطَةَ النِّعَـالِ

عَليْهَا كُلُّ أَصيَدَ مَـالِـكـيٍّ
= مِن الشُّمِّ الشَّرَامِحَةِ الطِّوَالِ

فَدَارَت بَيْنَنَا رَحَـيَا مُـدِيرٍ
= يُسَاقَوْنَ المَنِيَّةَ بالسِّـجَـالِ

طِعَانٌ تَخْرُجُ النَّسَماتُ منـهُ
= وضَرْبٌ يَخْتَلِي هَامَ الرِّجَالِ

فغُودِرَ مَـالِـكٌ وأَبـو يَزِيدٍ
= وقَعْقَاعٌ وأَجْلَوْا عن عِقَـالِ

وَإبْنَا بالنِّهَابِ وبالـسَّـبَـايَا
= وبالأَسْرَى تُقَوَّدُ في الغِلالِ

فقُولاَ لِلأَرَاقِمِ غَيْرَ بَـغْـيٍ
= وبَغْيُ المَرْءِ أَقْرَبُ للسَّفَالَ

أَلاَ إِنِّي رَأَيْتُ بنـي زُهَـيرِ
= فَوَارِسَ مَالِكٍ يَوْمَ النِّـزَالِ

كمَا أَنِّي وَجَدْتُ سَرَاةَ غَنْـمٍ
= بَنِي تَيْمٍ إِذَا اخْتَلَفَ العَوَالِ

وقال / حسّان بن زُرْعةَ في قَتْلِه / هُرَيْمَ بنَ مالِك الحَنْظَلىّ :-

سَائِلِي عَنِّي زُهَيْراً تُخْبَرِي
= يَوْمَ فَلْجٍ والمَنَايَا تَخْتَطِـفْ

يَوْمَ غَادَرْتُ هُزَيمـاً ثَـاوِياً
= وسِنَانُ الرُّمْحِ فيه مُنْقَصِفْ

من كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار الصفحة : 29 ومن المعاني والتوضيحات :-

- تَيْم بن أسامةَ : هم تيم الله بن أسامة بن مالك بن بكر بن تغلب راجع الأنساب السمعاني الصفحة : 392 .
- وكَثُرَ القِيلُ : أي كثر القتل
- بني زهير بن تيم : من بني تغلب أيضا راجع جمهرة أنساب العرب ابن حزم الصفحة : 92.

- لِنعْمَ فَوَارِسُ الهَيْجَـاءِ تَـيْمٌ
= عَلى فَلْجٍ صَبَاحَ أَبِي أُثَـالِ

هم تيم بن أسامة ..... بن تغلب .

عَليْهَا كُلُّ أَصيَدَ مَـالِـكـيٍّ
= مِن الشُّمِّ الشَّرَامِحَةِ الطِّوَالِ

مالكي : من بني مالك من الأراقم .

الشَّرْمَحُ والشَّرْمَحِيُّ من الرجال : القوي الطويل؛ وأَنشد الأَخفش :-

ولا تَذْهَبَنْ عيناكَ في كل شَرْمَحٍ
= طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ

لسان العرب ابن منظور الصفحة : 2936.

- فغُودِرَ مَـالِـكٌ وأَبـو يَزِيدٍ
= وقَعْقَاعٌ وأَجْلَوْا عن عِقَـالِ

من قتلى تميم .

- فقُولاَ لِلأَرَاقِمِ غَيْرَ بَـغْـيٍ
= وبَغْيُ المَرْءِ أَقْرَبُ للسَّفَالَ

أَلاَ إِنِّي رَأَيْتُ بنـي زُهَـيرِ
= فَوَارِسَ مَالِكٍ يَوْمَ النِّـزَالِ

هذان البيتان يدلان على عدم دخول أو إشتراك كل الأراقم في ذلك اليوم ( يَومُ فَلْجٍ )أخص بالذكر قوله : '' فقُولاَ لِلأَرَاقِمِ '' وإلا فلا معنى للبيتين ونفس الشئ ينطبق على البيت الأخير كذلك :-

كمَا أَنِّي وَجَدْتُ سَرَاةَ غَنْـمٍ
= بَنِي تَيْمٍ إِذَا اخْتَلَفَ العَوَالِ

أي أنني وجدت بني تيم هم رؤوس غنم بن تغلب في ذلك اليوم وأبطالها . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .




التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 27 - 07 - 2009 الساعة 15:57
رد مع اقتباس