عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 5 )
خيّال العرفا
وسام التميز
رقم العضوية : 30814
تاريخ التسجيل : 27 - 08 - 2008
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,781 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 11
قوة الترشيح : خيّال العرفا is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : قبيلة بنو عذرة القبيلة العربية العاشقة وينسب إليها ( الحب العذري )

كُتب : [ 30 - 10 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

المكرم الأخ / أبو محمد القباني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : أشكرك على هذا الموضوع العذب الرائع عن الحب العذري والذي كثر في هذه القبيلة حتى نسب إليها بل وتعداها إلى أغلب قبائل العرب ومن اّخرهم عهدا / محيسن السرحاني و / الدجيما العتيبي و / محمد الفيحاني رحمهم الله وجمعهم الله مع من أحبوا في جنات النعيم وقد سئل رجل من بني عذره الذين نسب لهم ذلك الحب العذري لماذا الرجل منكم يموت من العشق فأجاب لأننا مسلمون وقد أحصنا فروجنا والإسلام الحقيقي بحصانة الفرج خوفا من الله تعالى ورجاء ثوابه هو السبب قال تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون ) والله اعلم وقد عرفت قبيلة عذرة فى أيام بني أمية بهذا اللون من الحب ، ونسب إليها ، واشتهرت به وبكثرة عشاقها المتيمين الصادقين في حبهم ، المخلصين لمحبوباتهم ، الذين يستبد بهم الحب ، ويشتد بهم الوجد ، ويسيطر عليهم الحرمان ، حتى يصل بهم إلى درجة من الضنى والهزال كانت تفضي بهم في أكثر الأحيان إلى الموت ، دون أن يغير هذا كله من قوة عواطفهم وثباتها ، أو يضعف من إخلاصهم ووفائهم ، أو يدفعهم إلى السلو والنسيان . وقديماً قال رجل منهم : " لقد تركت بالحي ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب ". وسئل آخر : " ممن أنت ؟ " فقال : " من قوم إذا أحبوا ماتوا "، فقالت جارية سمعته : " عذري ورب الكعبة ". وليس من السهل أن نحدد تماماً الأسباب التي جعلت هذه القبيلة تشتهر بهذا اللون من الحب ليصبح ظاهرة اجتماعية تعرف بها وتنسب إليها ، وإن يكن القدماء قد حاولوا رد هذا إلى رقة قلوبهم وجمال نسائهم . وسئل أعرابي منهم : " ما بال قلوبكم كأنهم قلوب طير تنماث كما ينماث الملح أما تجتلدون ؟ فقال : إنا لننظر إلى محاجر أعين لا تنظرون إليها ". وقيل لآخر : " يا هذا بحق أقول إنكم أرق الناس قلوباً ". ويقول ابن قتيبة : " والجمال في عذرة والعشق كثير ". ولكن هذه المحاولات تبدو غير كافية تماماً لتعليل هذه الظاهرة ، إذ تظل معها الأسئلة واردة : هل كانت عذرة حقا أرق العرب قلوبا وأجملها نساء ؟ ومن ذا الذى يستطيع أن يدعي أنها امتازت من بين جميع القبائل العربية بالرقة والجمال ؟ وإذا صح هذا الادعاء فكيف نعلل ظهور هذا الحب في غيرها من القبائل ؟ عذرة لم تنفرد وحدها من بين القبائل العربية بهذا اللون من الحب ، وإنما ظهر أيضاً في غيرها من القبائل كقبيلة بني عامر حيث ظهر مجنون ليلى قيس بن الملوح ، وقبيلة بني كنانة حيث ظهر قيس بن ذريح صاحب لبنى . فالمسألة ليست مسألة عذرة وحدها ، والحب العذرى ليس وقفاً عليها دون غيرها من القبائل ، ولكنه لون من الحب عرفته البادية العربية مع غيره من ألوان الحب المختلفة مرده الأساسى إلى المزاج الشخصي الذي يدفع بعض الناس إلى اللهو والمجون والشرك في الحب ، كما يدفع بعضهم إلى الوفاء والإخلاص والتوحيد فيه ، ثم إلى طبيعة الظروف التي تحيط بالعاشق أتدفعه إلى اللهو والعبث أم ترده إلى الطهر والعفاف ؟ فالمسألة ليست مسألة عذرة وحدها ، ولكنها مسألة المجتمع البدوى العربي في مجموعه ، وهذا اللون من الحب هو التعبير العاطفي الطبيعي في هذا المجتمع ، حيث تسيطر تقاليد خاصة ومثل معينة على الحياة الاجتماعية فيه ، فتخلق هذا اللون المتميز من ألوان الحب الروحي . فالمسألة ليست مسألة أن " الجمال فى عذرة كثير "، أو أن قلوب أبنائها " كقلوب الطير تنماث كما ينماث الملح "، ولكنها مسألة مجتمع البادية العربية بتقاليده ومثله المسيطرة عليه ، في عذرة وفي غير عذرة من تلك القبائل التي كانت تنزل في البادية العربية ، في نجد وفي شمالي الحجاز . أما انتشار هذه الظاهرة فى عذرة ذلك الانتشار الذي صوره أحد أبنائها بأنه ترك في الحي " ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب "، فلا يمكن أن يفهم إلا على أساس فهم الظواهر الاجتماعية عامة ، فهي " عدوى اجتماعية " جعلت من هذا الحب بدعا بين شباب القبيلة يلعب فيه التقليد دورا كبيرا يدفع كل شاب إلى صاحبة له ليعرف بها كما عرف غيره من شبابها بصاحباتهم ، ثم تتدخل الظروف الاجتماعية لتطبع هذا الحب بالطابع العذري المعروف ، فالمسألة فى حقيقتها ظاهرة اجتماعية انتشرت كما تنتشر سائر الظواهر الاجتماعية على أساس من العدوى والتقليد . أما لماذا نسب هذا الحب إلى عذرة دون غيرها من القبائل ؟ ففي أغلب الظن أن السبب في هذا يرجع إلى أنها هي التي مثلت هذه الظاهرة الاجتماعية أقوى تمثيل ، لكثرة من عرف من عشاقها الذين رأى فيهم الرواة المثل الكاملة لهذا الحب ، والنماذج الدقيقة له ، والألسنة المعبرة عنه أدق تعبير وأروعه ، وخاصة عند جميل بثينة الذي يعد بحق أروع مثل له ، وأدق نموذج عرفته البادية منه ، وأقوى الألسنة تعبيراً عنه ، وأشهر من لمع اسمه في تاريخه . ولربما يرجع السبب أيضاً إلى أن أقدم من عرفه الرواة من أصحاب هذا الحب في العصر الأموي ، وهو عروة بن حزام ، كان عذريا من قبيلة بني عذرة . منقول مع أرق التحية والسلام .


إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا = أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
قوم إذا خاصموا كانوا فراعنة = يوما وإن حكموا كانوا موازينا
تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت = نار الوغى خلتهم فيها مجانينا
إن الزرازير لما قام قائمها = توهمت أنها صارت شواهينا
بيض صنائعنا خضر مرابعنا = سود وقائعنا حمر مواضينا

رد مع اقتباس