رد : ( خنوسة الظباء ) من صفات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء
كُتب : [ 25 - 07 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
علم القيافة هو على قسمين : قيافة الأثر ، ويقال لها العيافة وقد مرت . وقيافة البشر ، وهي المرادة ههنا ، وهو علم باحث عن كيفية الإستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة ، والإتحاد بينهما في النسب والولادة في سائر أحوالهما وأخلاقهما . والإستدلال بهذا الوجه مخصوص ببني مدلج ، وبني لعب ، ومن العرب ، وذلك لمناسبة طبيعة حاصلة فيهم لا يمكن تعلمه . وحكمة الاختصاص تؤول إلى صيانة النسبة النبوية ، كما قال بعض الحكماء . وخص ذلك بالعرب ليكون سببا لإرتداع نسائهم عما يورث خبث الحس وشوب النسب من فساد البذر والزرع وحصول هذا العلم بالحدس والتخمين لا بالإستدلال واليقين ، والله سبحانه وتعالى أعلم . حكي أن الإمام الشافعي ، ومحمد بن الحسن رأيا رجلا فقال محمد : إنه نجار . وقال الشافعي : إنه حداد فسألاه عن صنعته ، فقال : كنت حدادا والآن نجار . وإنما سمي بقيافة البشر لكون صاحبه متتبع بشرات الإنسان وجلوده وأعضاءه وأقدامه . وهذا العلم لا يحصل بالدراسة ، والتعليم ولهذا لم يصنف فيه . وذكروا أن إقليمون صاحب الفراسة كان يزعم في زمانه أنه يستدل بتركيب الإنسان على أخلاقه ، فأراد تلامذة بقراط أن يمتحنوه به ، فصوروا صورة بقراط ثم نهضوا بها إليه وكانت يونان تحكم الصورة بحيث تحاكي المصورة من جميع الوجوه في قليل أمرها وكثيره ، لأنهم كانوا يعظمون الصورة ، ويعبدونها فلذلك يحكمونها . وكل الأمم تبع لهم في ذلك ، ولذلك يظهر التقصير من التابعين في التصوير وظهورا بينا ، فلما حضروا عند إقليمون ووقف على الصورة وتأملها وأمعن النظر فيها ، قال : هذا رجل يحب الزنا وهو لا يدري من هو ، فقالوا له : كذبت هذه صورة بقراط، فقال : لا بد لعملي أن يصدق فاسألوه فلما رجعوا إليه وأخبروه بما كان ، قال : صدق إقليمون أنا أحب الزنا ، ولكن أملك نفسي كذا في تاريخ الحكماء . قال في ( مدينة العلوم ) : ومبنى هذا العلم ما يثبت في المباحث الطبية من وجود المناسبة ، والمشابهة بين الولد ووالديه ، وقد تكون تلك المناسبة في الأمور الظاهرة بحيث يدركها كل أحد ، وقد يكون في أمور خفية لا يدركها إلا أرباب الكمال . ولهذا اختلف أحوال الناس في هذا العلم كمالا ، وضعفا إلى حيث لا يشتبه عليه شيء أصلا لسبب كماله في القوتين أي القوة الباصرة والقوة الحافظة اللتين لا يحصل هذا العلم إلا بهما ، وهذا العلم موجود في قبائل العرب ويندر في غيرهم ، لأن هذا العلم لا يحصل إلا بالتجارب والمزاولة عليه مددا متطاولة ، ولهذا لم يقع في هذا العلم تصنيف وإنما هو متوارث ولاهتمام العرب بهذا العلم اختص بهم ، وتوارثه خلف عن سلف ، ولهذا لم يوجد في غيرهم انتهى . أقول : وقد اعتبر القيافة الشارع أيضاً في بعض الأحكام كما ورد في الصحيح من حديث مجزز الأسلمي ، أنه دخل فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما ، وبدت أقدامها فنظر إليهما مجزز الأسلمي وقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ، فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الفرائض الرد على من زعموا أن القائف لا يعتبر به فإن اعتبر قوله فعمل به لزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به انتهى . وقد بسط القول في ذلك القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني في مؤلفاته فارجع إليها . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|