عمى العواطف!
كتب - بداح السبيعي
حين تكون هناك منافسة شعرية فمن الطبيعي أن تتدخل عواطف المتلقين وأذواقهم في الحكم على الشاعر، أو على قصيدته، أو حتى على مصداقية المنافسة التي يشارك فيها الشاعر بقصيدته، وقد حدث مثل هذا الأمر بصورة جلية أثناء احتدام المنافسة على لقب شاعر المليون في نسخته الثانية، فكل شاعر مهما كانت إمكاناته الشعرية يرى بأنه جدير باللقب، وكل متلقٍ ينحاز لشاعر معين يرى بأنه أحق من غيره بالفوز، ولا نستغرب أن في نهاية المنافسة ان نخرج من ذات الشخص بحكم مناقض لحكمه الأول عن الشاعر أو عن البرنامج نفسه.
ومن الشعراء الذين تفاوتت الآراء حولهم مع انطلاق المسابقة وبعدها، الشاعر خليل الشبرمي، لا سيما من جمهور المتلقين في السعودية أو من المتعاطفين مع شعرائها من الذين يرون بأن أولئك الشعراء تعرضوا للظلم على حساب الشبرمي، ويبالغ البعض منهم في حكمه بعد انتهاء المنافسة لينفي الشاعرية عن الشبرمي أو يقلل من شأن شاعريته، وفي مقابل ذلك لو قدر لأحد المبدعين الفراعنة أو السفياني الفوز فلن نعدم وجود من ينتقد الشاعرين ويشكك في صحة فوزهما، ففي المنافسات ثمة من يرى إباحة استخدام جمع الأسلحة (شريفة كانت أم غير شريفة) في سبيل الفوز.
وبصرف النظر عن الأحق بالفوز فإنه لا يجوز لنا أن نغلب عواطفنا عند الحكم على الشعر والإبداع بشكل عام، وإذا جاز لنا أن نفضل الفراعنة والسفياني على الشبرمي من حيث المقدرة الشعرية فإنه لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال ان نقلل من شأن شاعريته لمجرد رغبتنا في فوز شعرائنا في مسابقة تتحكم في تحديد نتائجها اعتبارات وعوامل كثيرة غير المقدرة على تجويد القصيدة، وهذا أمر لا ينكره القائمون على المسابقة، كما أنه لا يخفى على جميع من شارك فيها أو تابعها.
ولست هنا بصدد تكرار الحديث عن المسابقة أو تفضيل شاعر على آخر، ولكن الإنصاف والموضوعية تفرض علينا الاعتراف بالحضور المتميز للشاعر خليل الشبرمي، وتقديمه لقصائد جميلة تحفل بالكثير من جماليات الشعر وفنياته، وخير شاهد على ذلك قصيدته الغزلية العذبة (ماذا دهاك؟) التي تعد في نظري من أجمل القصائد الغزلية التي قدمت في منافسة شاعر المليون، وإذا كان من حقنا أن نتعاطف مع شعرائنا المبدعين ونتمنى فوزهم، فإنه من غير المقبول أن يعمينا تعاطفنا معهم عن إبداع الشعراء الآخرين، أو يدفعنا للإساءة لأولئك الشعراء
http://www.alriyadh.com/2008/06/26/article353631.html
جريدة الرياض