عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 2 )
الراعي
عضو مميز
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل : 12 - 04 - 2003
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 797 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 11
قوة الترشيح : الراعي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الشعر والدعوة الى الله

كُتب : [ 05 - 06 - 2008 ]

الباب الأول : موقف الإسلام من الشعر

كثيرا ما نسمع بعض الناس يردد أقوالا مفادها أن الإسلام وقف موقف المناوئ من الشعر ، وان القران هاجم الشعراء لأنهم لبسوا ثابتين على العقيدة ، وأن أهواءهم تقودهم ، لكن الواقع ليس كذلك ، فعندما جاء الإسلام ، انقسم الشعراء تجاهه إلى فريقين : الفريق الأول امن به وآزره ، ودعا إلى تبني مبادئ الإسلام في شعره ، والفريق الثاني وقف ضده مدافعا عن المبادئ الجاهلية التي كانت سائدة حينذاك شاهرا سلاحه الشعري ضد انتصارات الدين الجديد ، وذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية ودينية ،، وقد كان الفريق الأول يمثله الشعراء المسلمون الأوائل لاسيما شعراء المدينة الأنصار الذين نصروا النبي وآزروه والمهاجرين معه وآخى الرسول الكريم بين أهل المدينة المنورة وبين ضيوفهم المهاجرين وكان على رأس شعراء الفريق الأول ثلاثة شعراء هم : حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة
ويمثل الفريق الثاني الشعراء الذين اثروا عدم الإسلام وهم شعراء قريش أمثال :
عبد الله بن الزبعري السهمي وأبي سفيان بن الحارث وهبيرة بن أبي وهب ، ويؤيدهم في هذا الموقف شعراء اليهود الذين نكثوا عهدهم مع الرسول في حسن الجوار مثل كعب بن الاشرف والربيع بن الحقيق ومرحب اليهودي ، بالإضافة إلى شعراء بعض القبائل العربية التي كانت حليفة لقريش مثل أمية بن أبي الصلت الثقفي والإسلام مثلما هاجم بعض الشعراء لموقفهم المعادي لمبادئه وتعاليمه ، فانه اتخذ موقف المناصر والمشجع للشعراء الذين دافعوا عنه ووقفوا يصدون عنه هجوم الأعداء ، وهذا يعني أن الدين الإسلامي اتخذ ومنذ البداية مواقف تنسجم وطبيعة المرحلة التي يمر بها .... فالمواقف الإسلامية مع الشعر أو ضده حتمته المبادئ فمناصرة شعراء معينين ومعاداة شعراء آخرين لم تكن اعتباطية أو عشوائية ، بل كانت ملائمة مع الظروف السائدة يومئذ الدين الإسلامي هاجم نوعا من الشعر في مرحلة محددة وهي مرحلة بداية الإسلام في المدينة المنورة ، حيث اتهم المشركون الرسول الكريم ( ص ) بأنه شاعر وبان حديثه شعر وانه واضع للقران ، والإسلام حينما هاجم هؤلاء لم ينه عن قول الشعر ، لكنه اتسم بالتوجيه الأخلاقي وبكثرة التهذيب لأتباعه ، والحث على مكارم الأخلاق ، لهذا يمكننا أن نقول انه شجع الشعر مع التوجيه على الخلق الرفيع والابتعاد عن سفا سف الأمور وصغائرها ، وذلك حسب مقتضيات الأحوال وطبيعة الأحداث التي رافقت الدعوة الإسلامية ، فلا يمكن النظر إلى الشعر بمعزل عن الظروف الأخرى التي أحاطت بالدين الإسلامي
لقد فند الإسلام اتهامات الأعداء للرسول الكريم بأنه من كتب القران ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقران مبين ) كما انه رد على موقف الشعراء المعادي بقوله : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ، الم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ) نجد القران الكريم يستثني الذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد تعرضهم للظلم من هجومه والقران الكريم في معرض رده على دعاوى الأعداء ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر ) هذه الآيات تعتبر دفاعا عن القران ضد مزاعمهم انه شعر ، فهو لم يكن شعرا ، والرسول الكريم ليس بشاعر ، ولكن لماذا يحرص القران على تفنيد المزاعم القائلة بان الرسول شاعر ؟ لأن من طبيعة الشعراء المغالاة والعاطفية وأنهم يقولون ما يفعلون ، فهم يتصفون بالغلو والمبالغة ومجانبة الصواب في أكثر شعرهم ، وقد قيل بان أعذب الشعر أكذبه والكذب صفة ذميمة برأ الله رسوله الأمين الصادق منها ، ولو كان الرسول شاعرا كما ادعى المتقولون لنسب العرب بلاغته الكبيرة في تبليغ الدعوة إلى ملكة الشعر أو شيطانه ، ولا صبحوا مصيبين باتهامهم محمدا بالشعر ، فلم يرو المؤرخون بان الرسول قد نظم شعرا مع انه أفصح العرب وأشدهم بلاغة ( إني أفصح العرب بيد أني من قريش ) وكان شعراء المدينة الأنصار من أشهر من وقف مع الرسول ضمن الفريق الأول، كان حسان وكعب يردان على شعراء المهاجمين ويدافعان عن الدين الإسلامي بمثل الطريقة القديمة في الفخر والمدح والهجاء أي بذكر الوقائع والأيام والمآثر والأنساب ويعيرانهم بالمثالب .... أما عبد الله بن رواحة فكان يعير بالكفر وعبادة الأوثان ، فكان شعر حسان وكعب شديدا على الأعداء قبل إسلامهم ، وكان شعر عبد الله بن رواحة سهلا عليهم ، فلما أسلموا ، وفقهوا الدين تغيرت وجهات نظرهم فأصبح أشد القول عليهم شعر ابن رواحة احتدم الصراع وأضطرم بين الفريقين المتصارعين ، وحين تم نصر الله ، وفتحت مكة دخل معظم الشعراء العرب إلى الدين الإسلامي يدافعون عنه ضد أعدائه ، ظهر بعض اللين والضعف في المستوى الفني للشعر الإسلامي ، ومرد ذلك ان الشعراء في تلك المرحلة كانوا دون مستوى الحدث ، فلم يوفقوا كثيرا في تمثل القيم الجديدة والمبادئ الناصعة التي أتى بها الإسلام ، وكان لهذا أثره في خمول الشعر وضعفه ، إذا ما قورن بشعر ما قبل الإسلام ، ولهذا الضعف أسباب عديدة منها انشغال الناس بالقران وبلاغته وسمو كلماته ، وشعور المسلمين بالعجز عن مجاراته ، سواء بالشكل أو المضمون ، فانصرفوا عن قول الشعر ، وهذا ما يذكره ابن خلدون في مقدمته ، حيث يذكر ما معناه أن العرب انصرفوا عن قول الشعر أول الإسلام لانشغالهم بأمور الدين والنبوة ولاندهاشهم بأسلوب القران ونظمه ، كما إن المسلمين الذين ملأ الإيمان قلوبهم تحرجوا من النظم خشية أن ينالهم غضب الله ( الشعراء يتبعهم الغاوون ) فاثر بعض الشعراء الصمت مثل لبيد والنابغة الجعدي بعضهم ضعف شعره ، لأنه ابتعد عن الهجاء المقذع والفخر الفاحش والمديح الكاذب ، والإسلام قد أبطل الدوافع الجاهلية التي تنشط الشعر ونهى عنها إذا ما درسنا الشعر إبان تلك الفترة وجدنا بونا شاسعا بين نظم شعراء معينين في عصر ما قبل الإسلام ونظم قالوه هم أنفسهم في عصر صدر الإسلام من حيث القوة والمستوى الفني ، ومع ذلك ان هذا الكلام لا يعني أن الإسلام حارب الشعر أو نهى عنه كما ذهب بعضهم مستندين إلى بعض الآيات من القران الكريم ، فان الشعر لم يحارب لذاته ، وإنما حورب بعضه ، ذلك الذي اعتمد على الأهواء والانفعالات القضية إذن فيم يتناول الشعراء من المعاني والأغراض وقد قال الرسول : ( إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه ) أما الحديث الذي تناوله الرواة على انه تعبير معاد للشعر ونصه( لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير من أن يمتلئ شعرا ) فان الحديث لم يرو كاملا وتكملته ( هجيت به ) وفي هذه التكملة يتضح جليا موقف الرسول من الشعر فهو لم ينه عنه ، إنما نهى عن لون معين وعن موضوعات خاصة تقوم على هجائه الذي يعني هجاء الدعوة ومحاربة الدين من الطبيعي أن يصرف الإسلام الشعراء عن شعر العصبية وإثارة البغضاء والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد كما نهى عن الشعر الماجن البعيد عن الفضيلة ، ويمكن أن نخلص إلى القول إن الرسول أقر قول الشعر وحث عليه وأثنى على شعراء الدعوة المناصرين لها ،، ولقد مدح الشعراء الذين دافعوا عن دين الإسلام ، وكان أشهرهم بهذا الشأن الشاعر ، حسان بن ثابت ، الذي نصب نفسه للدفاع عن الدين الجديد ، والرد على أعدائه ، وقد كان هذا الشاعر شديد التأثير ، قوي العاطفة ، لهذا نرى شعره يجري جريانا سريعا بعيدا عن الصنعة ، ولعل هذه بالإضافة إلى المعتقدات الجديدة ، جعلت شعر تلك الفترة يتصف بضعف الناحية الفنية

الباب الثاني : ـ شعر الدعوة الإسلامية

شعر الدعوة هو ذلك الشعر الذي خدم به أربابه الإسلام قولاً وعملاً واعتقادًا، وليس من الضرورة أن يصرح بذلك فيه وإنما المقصَود أن يتضمن الشعر من الفكر الإسلامي النقي ما يتضمن وأن يبعد عن الإسفاف والسقوط الفكري والأخلاقي، ولقد بدأ شعر الدعوة من عهد النبوة وقوى حين انتصب في ميدانه ثلاثة فحول من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم هم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم أجمعين وسنتطرق اليه بشيء من الايجاز في العصور الاسلاميه المختلفة ( صدر الإسلام / الأموي / العباسي / العثماني / ثم العصر الحديث مع إيضاح شعر الدعوة في العصر السعودي.
أولا : ـ الشعر الإسلامي في صدر الإسلام

حي الديار محا معارف رسمها
= طول البلى وتراوح الأحقاب

فكأنما كتب اليهود رسومها
= إلا الكنيف ومعقد الأطناب

قفرا كأنك لم تكن تلهو بها
= في نعمة بأوانس أتراب

فاترك تذكر ما مضى من عيشة
= ومحلة خلق المقام يباب

واذكر بلاء معاشر واشكرهم
= ساروا بأجمعهم من الأنصاب

ما يلي نرى أن حسان بن ثابت شاعر رسول الله في أحد مواقفه الكثيرة وهو يذود عن حياض الإسلام بشعره وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما قاله عبد الله بن الزبعرى السهمي في يوم الخندق :

أنصاب مكة عامدين ليثرب
= في ذي غياطل جحفل جبجاب

يدع الخزون مناهجا معلومة
= في كل نشر ظاهر وشعاب

فيها الجياد شوازب مجنوبة
= قب البطون لواحق الأقراب

من كل سلهبة وأجرد سلهب
= كالسيد بادر غفلة الرقاب

جيش عيينة قاصد بلوائه
= فيه وصخر قائد الأحزاب

قرمان كالبدرين أصبح فيهما
= غيث الفقير ومعقل الهراب

حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا
= للموت كل مجرب قضاب

شهرا وعشرا قاهرين محمدا
= وصحابه في الحرب خير صحاب

نادوا برحلتهم صبيحة قلتم
= كدنا نكون بها مع الخياب

لولا الخنادق غادروا من جمعهم
= قتلى لطير سغب وذئاب

فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال :

هل رسم دارسة المقام يباب
= متكلم لمحاور بجواب

قفر عفا رهم السحاب رسومه
= وهبوب كل مطلة مرباب

ولقد رأيت بها الحلول يزينهم
= بيض الوجوه ثواقب الأحساب

فدع الديار وذكر كل خريدة
= بيضاء آنسة الحديث كعاب

واشك الهموم إلى الإله وما ترى
= من معشر ظلموا الرسول غضاب

ساروا بأجمعهم إليه وألبوا
= أهل القرى وبوادي الأعراب

جيش عيينة وابن حرب فيهم
= متخمطون بحلبة الأحزاب

حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا
= قتلى الرسول ومغنم الأسلاب

وغدوا علينا قادرين بأيدهم
= ردوا بغيظهم على الأعقاب

بهبوب معصفة تفرق جمعهم
= وجنود ربك سيد الأرباب

فكفى الإله المؤمنين قتالهم
= وأثابهم في الأجر خير ثواب

من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم
= تنزيل نصر مليكنا الوهاب

وأقر عين محمد وصحابه
= وأذل كل مكذب مرتاب

عاتي الفؤاد موقع ذي ريبة
= في الكفر ليس بطاهر الأثواب

علق الشقاء بقلبه ففؤاده
= في الكفر آخر هذه الأحقاب


رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي
مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
الراعي

التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 05 - 06 - 2008 الساعة 21:41
رد مع اقتباس