[خيَّال الغلباء]

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم / ابن عرفج الجبري السبيعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على هذا الموضوع الجميل والمفيد وفي الحقيقة لا يخفى على الجميع أهمية وخطورة الكلام في الأنساب وبعض الناس لا تجد عنده ورع العلماء ولا تأني النبلاء فتجده يهجم على القبائل والعوائل الشريفة والأشخاص من غير تحرٍ ولا تروٍ فحصل بذلك خطر عظيم وشر مستطير وبعد أن كنا نرى الذين يتكلمون في الأنساب لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحد أصبحنا نجد في كل عائلة وقبيلة عدة متصدرين للكلام في الأنساب وأصبح لدينا ثورة في علم الأنساب إن صح التعبير ومن المعلوم أن علماء الحديث هم أشهر من تكلم في الأنساب وكتب الجرح والتعديل هي مادة خصبة في أنساب الرجال والقبائل وهم أوثق الناس في أنساب الرجال , ويجب أن لا نتكلم فيها إلا بما يوافق أصول ديننا الحنيف حيث أنه ما ترك خيرا إلا أمرنا به وما ترك شرا إلا نهانا عنه . قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى .... الأية ) وقال جل من قائل : لرسول صلى الله عليه وسلم ( ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك ... الأية ) والنصوص من الشرع في ذلك كثيرة ومنها : ( كونوا عباد الله إخوانا ) والتفاخر بالأنساب من الجاهلية ويعتبر قنبلة موقوتة تضر بالوطن والمواطن . وعلم النسب علم جليل شريف ويعتبر من أصعب العلوم الإنسانية والإجتماعية مسلكاً وأشدها وعورة , وهو من العلوم التي لم تأخذ حقها من التدوين في الجزيرة العربية على وجه الخصوص بسبب شظف العيش ويعود ذلك لقلة المؤلفين في شتى المجالات فما بالك بعلم النسب , وتخوف بعض المؤلفين السابقين من التطرق إليه والخوض به تورعا , ولأن علم النسب من أصعب العلوم التي لا يود الشخص الخوض فيها . أما في السنوات المتاخرة فقد زادت المؤلفات في علم النسب , البعض منها اجتهد فيها مؤلفها بالبحث والتحري في نسب القبيلة , فإذا عدمت المصادر أو المراجع التي تشير إلى علم النسب فتجده يبحث عن الحقيقة بالرجوع إلى القبيلة أو العائلة المناط بها الموضوع فقاعدة النسب معروفه ( الناس موتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا ) فيجد لديهم من الإثباتات ما يدل على صحة نسبهم من شواهد شعرية أو شفوية تغنيه عن الإجتهادات والترجيحات التي لا طائل منها غير التخبط في نسب القبائل , وهناك أنساباً وتواريخ وأحداثاً لا يمكن لأحد أن يصل إليها أو يؤكدها ما لم يرجع لأهلها . هذا من جهة ومن جهة أخرى الباحث في الأنساب يلحظ الواقع الموجود وهو أن القبائل أو حتى من فروعها تداخلت في أحلاف يصعب على أغلب الأشخاص الذين لم يتمكنوا من علم النسب أن يرجعها إلى أصلها فأغلب قبائل الجزيرة العربية إن لم يكن جلها متداخلة مع بعضها لا يجمعها جد واحد في الأعم الأغلب والاسم الذي تنتمي إليه في الغالب يكون لقب لا يختص بقبيلة دون الأخرى . والخوض في النسب ليس بالترجيح والتأويل والإستنتاج لأن النسابة يخوض في أنساب وليست مسائل حسابية أو افتراضية . والواجب على الباحث في الأنساب أن يتحرى جميع المصادر الكتابية منها والشفوية ولا يتعصب لمصدر واحد لكي يحقق أهدافه . ( فالذهب مهما أحاط به الغبار معدن نفيس لا يعلوه صدأ ) وإذا قال المحدثين من المؤرخين النسابة اّل فلان إنقطعوا فلا يعني الإنقطاع التام والدليل على ذلك أن المؤرخ النسابة / ابن عيسى رحمه الله قال في بعض الأسر النجدية انقطعوا إلا قليلا في الزبير وقد يكون من المؤرخين القدامى من يقول انقطعوا ويقصد في بلده أما البلاد الأخرى فلا يعلم عنها شيئا لبعد الشقة وصعوبة المواصلات والله تعالى أعلم . منقول بتصرف وأنت سالم وغانم والسلام .