منتديات سبيع الغلباء

منتديات سبيع الغلباء (https://www.sobe3.com/vb/index.php)
-   الكتب والوثائق والمخطوطات (https://www.sobe3.com/vb/forumdisplay.php?f=81)
-   -   المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف (https://www.sobe3.com/vb/showthread.php?t=35961)

خيَّال الغلباء 05 - 04 - 2009 19:05

المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=5][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف :-

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد : لا شك أن رواية الخبر التاريخي يختلف عن رواية الحديث النبوي ، ولكل فن منهج خاص به ، وإن كانا يشتركان في بعض الأصول . وهنا لا بد أن نتنبه إلى شيء مهم وهو : أنه يجب أن نفرق بين رواية ( الحديث ) ورواية ( الأخبار الأخرى ) فعلى الأولى تبنى الأحكام وتقام الحدود ، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع ، ومن هنا تحرز العلماء - رحمهم الله - في شروط من تأخذ عنه الرواية .

لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار ، فهي وإن كانت مهمة - لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة - إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث ، ومن هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس وتطبيقه على الإخباريين .

ومن درس مناهج دراسة التاريخ الإسلامي عرف هذا ، لكن من لم يدرس تخبط وأخذ يهرف بما لا يعرف ، وإليك تفصيل ذلك :-

شروط الرواية المقبولة :-

من العسير تطبيق منهج النقد عند المحدثين بكل خطواته على جميع الأخبار التاريخية ، وإن اشتراط العلماء في المؤرخ ما اشترطوه في راوي الحديث من أربعة أمور : العقل والضبط والإسلام والعدالة لأن الأخبار التاريخية لا تصل في ثبوتها وعدالة رواتها واتصال أسانيدها إلى درجة الأحاديث النبوية إلا فيما يتعلق ببعض المرويات في السيرة والخلافة الراشدة مما تأكدت صحته عن طريق مصنفات السنة أما أكثرها فمحمول عن الإخباريين بأسانيد منقطعة يكثر فيها المجاهيل والضعفاء والمتروكين .

ولهذا فرق العلماء بين ما يتشدد فيه من الأخبار وبين ما يتساهل فيه تبعاً لطبيعة ما يروى على أن تطبيق قواعد نقد الحديث في التاريخ أمر نسبي تحدده طبيعة الروايات .

فإذا كان المروي متعلقاً بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بأحد من الصحابة رضي الله عنهم فإنه يجب التدقيق في رواته والاعتناء بنقدهم .

ويلحق بهذا ما إذا كان الأمر متعلقاً بثلب ( جرح ) أحد من العلماء والأئمة ممن ثبتت عدالته أو تنقصهم وتدليس حالهم على الناس - لأن كل من ثبتت عدالته لا يقبل جرحه حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه كما قال ابن حجر في التهذيب (7/273) -.

وكذلك إذا كان الأمر يتعلق بقضية في العقيدة أو موضوع شرعي كتحليل وتحريم فإنه لا بد من التثبت من حال رواته ومعرفة نقلته ولا يؤخذ من هذا الباب إلا من الثقات الضابطين .

أما إذا كان الخبر المروي لا يتعلق بشيء من الأحكام الشرعية - وإن كان الواجب التثبت في الكل - فإنه يتساهل فيه قياساً على ما اصطلح عليه علماء الحديث في باب التشدد في أحاديث الأحكام والتساهل في فضائل الأعمال .

ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا التساهل لا يعني الرواية عن المعروفين بالكذب وساقطي العدالة لأن ساقط العدالة لا يحمل عنه أصلاً وإنما قصد العلماء بالتساهل إمرار أو قبول رواية من ضعف ضبطه بسبب الغفلة أو كثرة الغلط أو التغّير والاختلاط ونحو ذلك أو عدم اتصال السند كالرواية المرسلة أو المنقطعة ووفق هذه القاعدة جوّز بعض الفقهاء العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب - مع التنبيه على ضعف الحديث -.

وبناء على ذلك إذا كانت الرواية التاريخية لا تتعلق بإثبات أمر شرعي أو نفيه سواء كان لذلك صلة بالأشخاص - كالصحابة رضوان الله عليهم - أو الأحكام - كالحلال والحرام - فإن الأمر عندئذ يختلف فيقبل في هذا الباب من الروايات الضعيفة ما يقبل في سابقه فيستشهد بها لأنها قد تشترك مع الروايات الصحيحة في أصل الحادثة وربما يُستدل بها على بعض التفصيلات ويُحاول الجمع بينها وبين الروايات الأخرى التي هي أوثق سنداً .

يقول الكافيجي - هو / محمد بن سليمان بن سعد الرومي الحنفي الكافيجي ( ت 879 هـ ) له معرفة باللغة والتاريخ والتفسير وعلوم أخرى - في هذا الصدد : يجوز للمؤرخ أن يروي في تاريخه قولاً ضعيفاً في باب الترغيب والترهيب والاعتبار مع التنبيه على ضعفه ولكن لا يجوز له ذلك في ذات الباري عز وجل وفي صفاته ولا في الأحكام وهكذا جوز رواية الحديث الضعيف على ما ذكر من التفصيل المذكور . المختصر في علوم التاريخ ( ص 326 ).

ويقول الدكتور / أكرم ضياء العمري في كتابه دراسات تاريخية ( ص 27 ) : أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار التاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسف كثير والخطر الناجم عنه كبير لأن الروايات التاريخية التي دونها أسلافنا المؤرخون لم تُعامل معاملة الأحاديث بل تم التساهل فيها وإذا رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستمثل هوّة سحيقة بيننا وبين ماضينا مما يولد الحيرة والضياع والتمزق والانقطاع .. لكن ذلك لا يعني التخلي عن منهج المحدثين في نقد أسانيد الروايات التاريخية فهي وسيلتنا إلى الترجيح بين الروايات المتعارضة كما أنها خير معين في قبول أو رفض بعض المتون المضطربة أو الشاذة عن الإطار العام لتاريخ أمتنا ولكن الإفادة منها ينبغي أن تتم بمرونة آخذين بعين الاعتبار أن الأحاديث غير الروايات التاريخية وأن الأولى نالت من العناية ما يمكنها من الصمود أمام قواعد النقد الصارمة .

وهذا التفريق بين ما يتشدد فيه من الأخبار و يتساهل فيه نلحظه بوضوح في تصرف الحافظ ابن حجر في جمعه بين الروايات في كتابه الفتح ففي الوقت الذي يقرر فيه رفض رواية / محمد بن إسحاق إذا عنعن ولم يصرح بالتحديث ورفض رواية الواقدي لأنه متروك عند علماء الجرح والتعديل فضلاً عن غيرهما من الإخباريين الذي ليس لهم رواية في كتب السنة من أمثال عوانة والمدائني فإنه يستشهد برواياتهم ويستدل بها على بعض التفصيلات ويحاول الجمع بينها وبين الروايات الأخرى التي هي أوثق إسناداً .

وهذا يدل على قبوله لأخبارهم فيما تخصصوا فيه من العناية بالسير والأخبار وهو منهج معتبر عند العلماء المحققين وإن لم يقبلوا روايتهم في الأحكام الشرعية فنجد ابن حجر يقول في / محمد بن إسحاق : إمام في المغازي صدوق يدلس . طبقات المدلسين ( ص 51 ). ويقول عن الواقدي : متروك مع سعة علمه . التقريب ( 2/194 ). ويقول في سيف بن عمر : ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ . التقريب ( 1/344 ). هذا مختصر ما يمكن أن يقال في الحكم على الروايات التاريخية والفرق بينها وبين رواية الحديث .

القواعد التي تتبع في قبول أو رد الروايات التاريخية :-

القاعدة الأولى : اعتماد المصادر الشرعية وتقديمها على كل مصدر . لأنها أصدق من كل وثيقة تاريخية فيما ورد فيها من أخبار كما أنها وصلتنا بأوثق منهج علمي ولئن كانت المادة التاريخية في كتب السنة ليست بنفس المقدار الموجود في المصادر التاريخية إلا أنها لها أهميتها لعدة اعتبارات منها :-

1 – أن معظم مؤلفيها عاشوا في فترة مبكرة وأغلبهم من رجالات القرن الثاني والثالث الهجري مما يميز مصادرهم بأنها كانت متقدمة .

2 – ثم إن المحدثين يتحرون الدقة في النقل الأمر الذي يجعل الباحث يطمئن إلى رواياتهم أكثر من روايات الإخباريين .

القاعدة الثانية : الفهم الصحيح للإيمان ودوره في تفسير الأحداث .

إن دارس التاريخ الإسلامي إن لم يكن مدركاً للدور الذي يلعبه الإيمان في حياة المسلمين فإنه لا يستطيع أن يعطي تقييماً علمياً وواقعياً لأحداث التاريخ الإسلامي .

القاعدة الثالثة : أثر العقيدة في دوافع السلوك لدى المسلمين .

إن منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتفسير حوادثه يعتمد في أصوله على التصور الإسلامي ويجعل العقيدة الإسلامية ومقتضياتها هي الأساس في منطلقاته المنهجية وفي تفسير حوادثه والحكم عليها .

وإن معرفة أثر الإسلام في تربية أتباعه في صدر الإسلام وتزكية أرواحهم والتوجه إلى الله وحده بالعبادة والمجاهدة يجعل من البديهي التسليم بأن الدافع لهم في تصرفاتهم وسلوكهم لم يكن دافعاً دنيوياً بقدر ما كان وازعاً دينياً وأخلاقياً .

ولأجل ذلك يجب استعمال الأسلوب النقدي في التعامل مع المصادر التاريخية وعدم التسليم بكل ما تطرحه من أخبار فتوضع الوجهة العامة للمجتمع الإسلامي وطبيعته وخصوصيته في الحسبان وينظر إلى تعصب الراوي أو الإخباري أو المؤرخ من عدمه فمن لاحت عليه أمارات التعصب والتحيز بطعن أو لمز في أهل العدالة والثقة من الصحابة أو مخالفة لأمر معلوم من الشريعة أو عند الناس أو معاكسة طبيعة المجتمع وأعرافه وقيمه الثابتة ففي هذه الأحوال لا يؤخذ منه ولا يؤبه بأخباره لأن التحيز والتعصب حجاب ساتر عن رؤية الحقيقة التاريخية .

القاعدة الرابعة : العوامل المؤثرة في حركة التاريخ .

إن المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ منهج شامل لكل الدوافع والقيم التي تصنع التاريخ غير واقف أما حدود الواقع المادي المحدود الظاهر للعيان فقط بل إنه يتيح فرصة لرؤية بعيدة يستطيع المؤرخ معها أن يقدم تقييماً حقيقياً وشاملاً أكثر التحاماً مع الواقع لأحداث التاريخ الإنساني وهذا سر المفارقة بين المنهج الإسلامي وبقية المناهج الأخرى الوضعية التي تفسر التاريخ تفسيراً عرقياً أو جغرافياً أو اقتصادياً .

القاعدة الخامسة : العلم بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم والتثبت فيما يقال عنهم . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .[/align][/size]

lion1430 05 - 04 - 2009 22:30

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size]

خيَّال الغلباء 06 - 04 - 2009 00:53

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[QUOTE=lion1430;234160][size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size][/QUOTE]

[size=9][align=center]جزاك الله خيرا[/align][/size]

صامل الميقاف 06 - 04 - 2009 20:59

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size]

عواكيس 07 - 04 - 2009 09:29

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size]

خيَّال الغلباء 08 - 04 - 2009 05:58

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[QUOTE=صامل الميقاف;234405][size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size][/QUOTE]

[size=9][align=center]جزاك الله خيرا[/align][/size]

خيَّال الغلباء 09 - 04 - 2009 02:36

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[QUOTE=عواكيس;234536][size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size][/QUOTE]

[size=9][align=center]جزاك الله خيرا[/align][/size]

وطبان 20 - 04 - 2009 11:33

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size]

خيَّال الغلباء 24 - 04 - 2009 09:58

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=7][align=center]وطبان جزاك الله خيرا[/align][/size]

حمد ع ح 07 - 06 - 2009 21:20

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]جزاك الله خيرا[/align][/size]

خيَّال الغلباء 13 - 06 - 2009 17:51

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]حمد جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 29 - 07 - 2009 04:06

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[U][size=5][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

منهج النقد عند المحدثين والرد على المشككين :-

بذل المحدثون جهوداً مضنية في مقاومة الوضع والافتراء على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من ثمار هذه الجهود نشوء مصطلح الحديث وعلومه التي وضعت القواعد والأصول لتصحيح الأخبار ونقدها نقداً علمياً، حتى عُدّت هذه القواعد من أصح قواعد البحث العلمي المتعلق بتوثيق الأخبار والنصوص، وهي ميزة لا توجد في تراث أي أمة من أمم الأرض كلها، بل حتى ولا في كتبهم المقدسة .

إن منهج النقد عند المحدثين يعد بحق مفخرة من مفاخر هذه الأمة من جهة السبق أولا، ومن جهة الشمولية والموضوعية ودقة النتائج ثانياً، وهذا ما شهد به أهل الإنصاف من غير المسلمين حتى قال " مرجليوث " : " ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم "، وقد ألف أحد علماء التاريخ في العصر الحاضر كتاباً في أصول الرواية التاريخية وهو كتاب / مصطلح التاريخ لمؤلفه النصراني " أسد رستم "، اعتمد فيه على قواعد علم الحديث، واعترف بأنها طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات، وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي، والأمانة في خبره : " ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب، وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي، اعترافاً بفضلهم على التاريخ " ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة هذا الشأن .

ومع ذلك وُجِد من المستشرقين - ممن لم يمعن النظر في منهج النقد عند المحدثين، ولم يقدر لهم جهودهم وأعمالهم - من حاول إظهار هذا المنهج بصورة مشوهة مغلوطة، تقلب حقيقته، وتغير واقعه، وتدعو إلى إعادة النظر فيه، على اعتبار أنه الأساس الذي بني عليه تصحيح الأخبار وردها، وكان ممن حمل راية هذه الدعوة أحد كبرائهم وهو المستشرق المجري اليهودي " جولد زيهر " ثم تلقف بعض الدارسين - مع الأسف - نتائجه التي توصل إليها في هذا الصدد على أنها حقائق ومسلمات .

قال " جولد زيهر " : " ولم يستطع المسلمون أنفسهم أن يخفوا هذا الخطر - أي خطر الوضع في الحديث - ومن أجل هذا وضع العلماء علماً خاصاً له قيمته وهو علم نقد الحديث، لكي يفرقوا بين الصحيح وغير الصحيح من الأحاديث، إذا أعوزهم التوفيق بين الأقوال المتناقضة .

ومن السهل أن يفهم أن وجهات نظرهم في النقد ليست كوجهات النظر عندنا، تلك التي نجد لها مجالاً كبيراً في النظر في تلك الأحاديث التي اعتبرها النقد الإسلامي صحيحة غير مشكوك فيها، ووقف حيالها لا يحرك ساكناً .

ولقد كان من نتائج هذه الأعمال النقدية الاعتراف بالكتب الستة أصولاً، وكان ذلك في القرن السابع الهجري، فقد جمع فيها علماء من رجال القرن الثالث الهجري أنواعاً من الأحاديث كانت مبعثرة رأوها أحاديث صحيحة .

وقد أصبحت هذه الكتب مراجع مجزوماً بها لسنة النبي، ويعتبر في المقام الأول منها الصحيحان " أهـ .

لقد قرر " جولد زيهر " هذا الكلام المتهافت مع أن كل دارس منصف يعلم أن منهج المحدثين النقدي قد شمل كل أوجه الاحتمالات في جوانب الحديث المختلفة، سنداً ومتناً، فالأساس الأول هو أداء الراوي للحديث كما سمعه، وهذا يقتضي أولاً دراسة الراوي، وقد حقق المحدثون ذلك بدراسات مستفيضة متنوعة، وضعوا فيها شروط الراوي الثقة وهي العدالة والضبط، ثم وضعوا العلوم التي تكشف أمور الرواة وأحوالهم، فبحثوا في أسمائهم، وتواريخهم، وأماكنهم، وشيوخهم وتلامذتهم، وما يتصل بذلك من فروع ومسائل في ثلاثين نوعاً من أنواع علوم الحديث .

ثم إن للحديث جوانب أخرى غير شخص الراوي، قد تدل على الضعف أو السلامة في النقل، وهي إما أن تكون من أخذ الراوي أو أدائه للحديث، أو في سلسلة السند، أو في عين المتن، أو تكون أمراً مشتركاً بين السند والمتن، وقد استوفى المحدثون بحث ذلك كله، وتتبعوا كل احتمال للقوة والضعف، فدرسوا صيغ الاتصال بين الرواة في حال الأخذ والأداء، وما دل منها على الاتصال وما لم يدل، وجعلوا لكل حالة تسمية وحكماً خاصاً، وتناولوا متون الأحاديث بالفحص والتدقيق وتتبعوا ما بها من علل وشذوذ وغير ذلك بقواعد رصينة محكمة .

ولم يكتفوا بمجرد اختبار السند والمتن بل قاموا بموازنة ضخمة بين الأحاديث سنداً ومتناً، استخرجوا بها أنواعاً كثيرة من علوم الحديث، ولم يكتفوا في هذه المقارنة بعرض الحديث على أشباهه من الروايات الأخرى، بل عرضوه أيضاً على كل الدلائل العقلية والشرعية، مما نتج عنه نشوء أنواع كالمعلل، والموضوع، والمدرج، والمقلوب، والمنكر، والمضطرب، والمصحف، وغيرها من الأنواع الناشئة نتيجة مقارنة المرويات وسبرها .

ولعل هذه الحادثة التي رواها العقيلي في كتاب الضعفاء تبين مدى ما كان يتمتع به الناقدون من المحدثين من فطنة وبراعة في النقد، فقد ذكر أن أبا داود الإمام الجهبذ جعل أحاديث " يعقوب بن كاسب " على ظهور كتبه، ولم يضمنها تلك الأحاديث، فلما سئل عن ذلك قال : رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها فطالبناه بالأصول فدافعها - أي حال دون دفعها إليهم - ثم أخرجها بعد فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيرة بخط طري، كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها ".

ولذا جاءت أحكامهم في القبول والرد متدرجة متلائمة شاملة لجميع الحالات والاحتمالات، بدءاً من قمة الصحة فيما سموه بأصح الأسانيد وما يحفه من قرائن أخرى، ثم باقي مراتب الصحيح، فالحسن لذاته، فالحسن لغيره، إلى الضعف اليسير الذي قد يُعمل به بشروط تقوي احتمال سلامته، ثم الضعف الشديد، وهو الناشئ عن فحش الغلط أو الغفلة، أو كون الراوي متهماً بمفسق، ثم ما هو شر من ذلك كله وهو الكذب المختلق، الذي لا تجوز روايته إلا على سبيل التحذير منه والتنبيه على كذبه، فكانت هذه الأحكام سُلَّماً دقيقاً للقبول والرد، أخذت كل درجة منه شروطها وحكمها الملائم تماماً بكل وضوح ودقة .

كل ذلك يثبت أن منهجهم في النقد كان شاملاً لجميع جوانب الحديث، ولكل الاحتمالات والدلائل التي تشير إلى معرفة قوته من ضعفة، مما يجعل كل مطلع منصف يقطع بسلامة أحكامهم على الأحاديث، وأن منهجهم في النقد كان هو السبيل الوحيد المتكامل للوصول إلى تمييز المقبول من المردود من المرويات .

المراجع :-

منهج النقد في علوم الحديث د . نور الدين عتر
السنة النبوية ومكانتها في التشريع د.مصطفى السباعي
موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية الأمين الصادق الأمين
دراسات في منهج النقد عند المحدثين د.محمد على قاسم العمري

منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .[/align][/size][/U]

حزم الجلاميد 29 - 07 - 2009 23:33

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 30 - 07 - 2009 16:23

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]حزم الجلاميد جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]

خيّال العرفا 18 - 08 - 2009 05:36

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 18 - 08 - 2009 17:24

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]خيال العرفا جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]

كليب 18 - 09 - 2009 22:21

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 19 - 09 - 2009 03:51

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]كليب عامر جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]

وطبان 20 - 09 - 2009 04:27

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 21 - 09 - 2009 06:17

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]وطبان جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]

جعد الوبر 21 - 09 - 2009 23:04

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 22 - 09 - 2009 16:41

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[U][size=5][align=center]أخي الكريم الفاضل / جعد الوبر بعد السلام كل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة وعيدكم مبارك ومن العايدين الفائزين المقبولين وشكرا جزيلا لك على مرورك الكريم وجزاك الله خيراً ولا هنت واسلم وسلم والسلام .[/align][/size][/U]

منسم الحفيات 23 - 10 - 2009 00:14

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]مشكور وما قصرت ولا هنت[/align][/size]

خيَّال الغلباء 26 - 10 - 2009 14:44

رد: المنهج الفريد بين كتابة التاريخ وكتابة الحديث الشريف
 
[size=6][align=center]منسم الحفيات جزاك الله خيراً ولا هنت[/align][/size]


الساعة الآن 05:23.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. www.sobe3.com
جميع المشاركات تعبر عن وجهة كاتبها ،، ولا تتحمل ادارة شبكة سبيع الغلباء أدنى مسئولية تجاهها