انجاز سوق الأسهم عشرة ملايين فقير

[مساعد]

كلاااااام في الصميم. إقراء ولن تخسر لأنك خسراااان اصلاً

جريدة الجزيرة- زاوية مستعجل - 3محرم

إنجاز سوق الأسهم...عشرة ملايين فقير (1 -2)
عبدالرحمن بن سعد السماري





تداعيات انهيار سوق الأسهم.. لم تصب الناس في مقتل (اقتصادياً) فقط.. بل عانى المجتمع منها في كل اتجاه.

** لقد تركت آثاراً سلبية اجتماعية ونفسية وتربوية.. وتنذر بمشاكل اجتماعية لا حصر لها.



** يقال.. إن وزارة الشؤون الاجتماعية.. أعدّت دراسة عن حجم الآثار والأضرار التي انعكست على المجتمع من خلالها.. والوزارة لا شك.. تُشكر على هذه المبادرة.. إن كانت موجودة بالفعل وليتنا نطلع على تفاصيلها وما قد يحمله المستقبل من انعكاسات سلبية ومشاكل فرضها انهيار سوق الأسهم.



** لا شك تضاعف عدد المفلسين والشحاذين والباحثين عن الضمان الاجتماعي (الشونة).



** نعم.. عاد الناس فقراء.. وصعاليك.. وشحاذين.. أوَليس ثلاثة مليارات أو حولها.. ذهبت من جيوب الناس.. وهي من مدخراتهم وبيوتهم وقروض وأسلاف وديون.. كلها طارت.. والناس.. والكل.. يتفرّج... والمسئول المالي يقول.. هو (أمر طبيعي) والأمور طبيعية.. وكأن الانعكاسات الأخرى الاجتماعية والأمنية والنفسية والتربوية لا تعنيه..



** لقد تضرَّرت شركات ومصانع أُغلقت أو فلَّست.. لأنه لم يعد هناك سيولة.. ولا قدرة على العطاء والتفاعل في الحراك الاقتصادي المحلي.. لأن السيولة فُقدت من أيدي الناس.



** كل شيء تضرَّر.. وكل أمور البضائع المسوّقة توقفت.. ويقول أحد العاملين أو المتاجرين في تنسيق الحدائق والمنتزهات.. بمعنى.. أنه يأخذ عقوداً سنوية لتنسيق حدائق المنازل والمنتزهات والاستراحات.. يقول... إن أكثر من 90% من العقود.. أُلغيت هذا العام بسبب تفليس أكثر الناس.. فلم يعد عندهم فلوس يجدِّدون العقود وقالوا.. تموت الحدائق ولا نموت نحن.



** انعكاسات انهيار سوق الأسهم.. جاءت على كل شيء.. فقد قرأت تحقيقاً صحفياً نُشر قبل أيام.. يقول.. إن هذا الانهيار.. ضاعف عدد العوانس.. إذ إن الكثير من الشباب المقبل على الزواج (هوَّن) بمعنى.. أنه تراجع وهرب من هذا المشروع و(عساه يِكِدْ على نفسه) لأن فلوسه طارت في السوق.. وهذا معناه.. المزيد من المعاناة النفسية للشباب والشابات.. والمزيد من المشاكل الاجتماعية والنفسية والأمنية.



** لقد كان سوق الأسهم.. يُشغِّل عدداً من الشباب والشابات العاطلين.. وهم يُعدّون بعشرات أو مئات الآلاف.. هؤلاء (يُطقطقون) كل يوم في السوق.. ويخرجون بمبلغ جيد يقتاتون منه.. وفتحوا بيوتاً وتزوّجوا وتفاعلوا مع المجتمع.. وانصرفوا عن الممارسات السلبية.. بل لم تعد واردة في حساباتهم.



** واليوم.. هذه الأرقام المخيفة.. مئات الآلاف (هم عاطلون) بل أكثرهم مطالب بقروض ومعرَّض في أي لحظة للسجن.. بمعنى أنه فوق تفليسته.. فهو مطارد ومهدَّد بالسجن.



** متقاعدون... جمعوا تحويشة العمر وضاربوا بها في سوق الأسهم.. وطارت كلها..



** متقاعدون.. أدخلوا تحويشة العمر.. في صناديق وطارت كلها في لمح البصر.



** بمعنى.. أن أكثر المتقاعدين (فلَّس الآن) وراتبه التقاعدي كله يُصرف لتسديد ديونه.. حتى لا يُسجن هذا (الشْوَيِّب) أو ذاك.



** انهيار سوق الأسهم وانعكاساته الاجتماعية والنفسية والتربوية والأمنية.. لم يُدرس بعد.. ولم يُلتفت له.. ولم نفكِّر فيه.. وكأنه حادثة بسيطة أو أمر عادي (طبيعي) كما فسَّره (المسئول المالي) جزاه الله خيراً.



** إنه مصيبة وكارثة حلَّت بالمجتمع.. ستغيِّر ملامح المجتمع.. وستدخله في دوامة ليست بعيدة.. فهل نجهل ذلك؟



** هل نجهل.. أننا إزاء كارثة مقبلة؟



** هل نجهل.. انعكاسات ما حصل؟



** هل يخفانا.. أنه يعني.. ما لا يقل عن عشرة ملايين مواطن.. كلّهم تدمّروا؟



** نفسيات الناس في الحضيض.. والناس.. تشتكي وتتضجر وتتوجَّع.. وتتألم وتتضرَّر.



** فهذا مفلس.. وهذا مطارد.. وهذا هارب بالفعل.. وهذا فقد ثروته.. وهذا راتبه لمدة عشر سنوات قادمة ليس له.. وهذا فقد تحويشة ثلاثين سنة.. وكأن الأمور بالنسبة لنا بسيطة أو عادية أو (طبيعية).



** كأن العشرة الملايين المفلسين المدمّرين نفسياً.. ليسوا هنا.. ولا يعنوننا أبد

اً.

** سوق الأسهم.. انهار أكثر من مرة.. والأمور كلها.. لا تبشِّر بخير.. ما دام الوضع هكذا...



** سيفلس المزيد.. وسيفتقر المزيد.. وسيلحق بالمجموعة الأولى.. مجموعات.



** عندما انهار السوق إلى (14) ألف نقطة.. أو ربما (16) ألف نقطة.. ناشد بعض المسئولين الناس.. للتمسك بالأسهم.. والمضاربة في السوق.. وبشَّروا بسوق جيد... ومستقبل اقتصادي جيّد... وطالبوا الناس بالصمود والبقاء.. ووعدوهم بجملة وعود.. ثم انهار السوق مرات ومرات.. حتى وصل إلى سبعة آلاف نقطة.. يعني.. انهار مرة أخرى بنسبة 50% فمن المسئول؟



** من الذي ورَّط الناس؟



** الناس (كانت) أقول (كانت) تثق في اقتصاد بلادها.. وتثق في تصريحات المسئولين.. ولكن.. كل شيء تبخَّر.. وكل شيء (أُف).



** أصبح الناس أمام الكارثة.. وجهاً لوجه.. ولم يعد في وسعهم سوى التعامل معها وحدهم دون معين.. ودون أدنى بارقة أمل.



** سوق الأسهم لدينا.. كان الأفضل عالمياً..



** واليوم.. هو الأسوأ عالمياً..



** اليوم.. يحتل المركز الأول دولياً في الانهيار.. وسوء الإدارة.



** الناس بالفعل.. تتضرَّر.. وتتوجَّع... وتتألّم.. وتشتكي.. ولم يلتفت لها أحد.



** الكل.. يتفرّج.. ويُبشِّر بمستقبل اقتصادي للبلاد.. وأكثر الناس.. مفلسون.. بمعنى.. أنهم صاروا فقراء.



** اسألوا وزارة الشئون الاجتماعية.. ماذا لديها؟ وماذا عندها؟ وماذا تتوقّع؟



** هذا.. إذا كانت معنية بالشئون الاجتماعية..



** اليوم.. ونحن نستقبل البريد اليومي 90% من الرسائل.. تتحدث عن الأسهم ومشاكلها ولكن.. لم يلتفت لهم أحد.



** والله.. لا نملك لكم.. إلا الدعاء فقط..



** نسأل الله تعالى.. أن يزيل هذه الغمَّة عنكم.. وأن يفرِّج كربكم.. وأن يعود لكم ولو 10% مما خسرتموه.. حتى (تعيِّشوا) أولادكم.. وحتى (لا تِحِدْكُم) الحاجة إلى سرقة (طاسة كَفَر).. أو اسطوانة غاز.. لشراء كيسة (صامولي) لأطفالكم.. (يِغِطُّونها) في (بيالة) شاي..!!

** بالأمس.. كنا نتحدث عن بعض الفقراء ومعاناتهم واحتياجاتهم..

** واليوم.. كم هم الفقراء؟

** سوق الأسهم.. صنع المزيد من الفقراء..





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنجاز سوق الأسهم...عشرة ملايين فقير (2 -2)
عبدالرحمن بن سعد السماري




** في الزاوية السابقة.. تحدثنا عن عدد الفقراء.. الذين صنعهم سوق الأسهم.. وكيف تحوّلت فرحة وطنية كبرى بسوق صُنِّف أنه العاشر أو الخامس عشر دولياً.. والأول إسلامياً وعربياً.. كيف تحوَّلت هذه الفرحة إلى كارثة خلَّفت وراءها معاناة وآلاماً وأوجاعاً وفقراء ومفلسين ومطاردين.. وكيف تحوَّل الاحتفال والفرح إلى هم وغم وألم ومرارة.. ووجع و(كتمة) في الصدر..



** مساكين.. أولئك الذين وجدوا أنفسهم في لحظة.. في عداد الفقراء والمعدمين.. والشحاذين و(الطرَّارين)..



** مساكين.. الذين فقدوا تحويشة العمر.. ومساكين.. أولئك الذين باعوا بيوتهم وكل ما يملكون.. وصاروا مطاردين اليوم.. من الدَّيانة.. ومن المؤجِّرين للعقار..



** مئات الآلاف من الأشخاص.. تغيّر نظامهم الاجتماعي..



** أولادهم.. أخرجوهم من المدارس الأهلية إلى مدارس حكومية.. لأنهم لا يقدرون على دفع أقساط المدارس..



** وآباء.. وأمهات.. لم يعد بوسعهم مراجعة المستشفيات والمستوصفات الأهلية.. لأن الأمور صعبة.. ولأنهم لم يعد بمقدورهم دفع الفاتورة.



** هناك من لم يسافر صيفاً كالعادة في كل عام..



** وهناك من قطع بعض علاقاته الاجتماعية.. هروباً من (شَرْهَةْ) بعض الأقارب وذوي الأرحام.. في هدية أو مساعدة.. أو وقفة.. لأنه لم يعد قادراً على شيء من ذلك..



** أمور الناس.. تبدَّلت.. وظروفهم اختلفت وماتت الطبقة الوسطى من المجتمع.. أو تكاد تموت..



** هذه الطبقة الوسطى (اقتصادياً) صارت في عداد الفقراء.. لأن التحويشة والمدخرات والإمكانات.. كلّها طارت مع الـ(3) ترليونات.. التي طارت في سوق الأسهم..



** لقد صرنا نملك رقماً ضخماً من أعداد الفقراء والمعدمين والمطاردين اقتصاديا..



** سوق الأسهم.. الذي فرحنا به.. وهتفنا به.. ومارينا به.. العام..



** سوق الأسهم.. الذي صار جزءاً من نجاحاتنا وتفوّقنا.. وصرنا نضرب به المثل في تفوّق اقتصادنا.. هذا السوق.. صار كارثة ووبالاً علينا..



** لم يدر في خلد أحد منَّا على الإطلاق.. أن هذا السوق العملاق.. سيقود المواطن إلى حافة الفقر.. ويُحوِّله من إنسان أموره ميسورة ومبسوط.. ودخله ووضعه جيد.. إلى إنسان فقير..



** والسؤال اليوم.. ماذا عملت الجهات المعنية لمعالجة المشكلة.. والتعامل مع هذه الأزمة الكبرى؟



** هذا.. إذا كان هناك شعور.. أننا إزاء أزمة من العيار الثقيل..



** ترى.. كم من الانعكاسات التي علينا أن نتوقّعها مستقبلاً.. كنتاج أكيد لوضعية أناس صاروا في عداد المعدمين والصعاليك والشحاذين؟



** كم من الأبناء صاروا في عداد المعدمين المحطّمين نفسياً.. لأن الأب أعلن إفلاسه وقال.. لم يعد لدي شيء و(عساني أَكِدْ على نفسي؟!!).



** إننا لم نعد نناشد الجهات المعنية لمعالجة وضع سوق الأسهم.. لأن ذلك دخل في حيز المستحيل.. ولأن معالجاتها كلّها فاشلة لا تعدو (الأمر الطبيعي.. والوضع طبيعي).. و(اقتصادنا قوي.. متين.. وصلب)!!



** شبعنا من هذه العبارات المكرورة الممجوجة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.. ولكن.. ماذا بعد فشل الجهات الاقتصادية والمالية في حل الأزمة؟



** هل الجهات الاجتماعية والأمنية والتربوية وسائر الجهات الأخرى.. مستعدة لمواجهة الكارثة؟



** هل هذه الجهات.. أدركت فعلاً.. أن سوق الأسهم جيَّر لها عشرة ملايين فقير.. ما بين.. أب.. وأم.. وأولاد وبنات وأطفال؟



** هل هذه الجهات.. تدرك أن سوق أسهمنا.. طيِّب الذكر.. نجح نجاحاً كبيراً في صنع ملايين الفقراء؟



** أجزم.. أن مجتمعنا.. لم يمر بحالة الفقر تلك.. ولم يتم طوال عمره المديد.. أن (جيَّر) هذا الكم الهائل من البشر.. ليضعهم في عداد الفقراء.. بل والمطاردين..



** لو قامت الجامعات أو مراكز البحث بإعداد دراسات اجتماعية على أفراد مجتمعنا وعلى المؤسسات والشركات الصغيرة وعلى الأسواق وسائر ما يهم ويعني المواطن.. لكشفت انعكاسات وكوارث ومصائب أخرى.. خلَّفها سوق الأسهم على الشأن الاجتماعي لم نذكرها.. بل لم نعرفها بعد..



** مجتمعنا.. يئن.. و(فقراؤنا الجدد) يئنون والمستقبل أمامهم.. أكثر ظلاماً.. وأكثر خوفاً لأنه لا يوجد أي بادرة على الإطلاق لتحسّن الأوضاع.. بل إن الأوضاع تزداد سوءاً..



** متى ستعود الابتسامة لهؤلاء المساكين.. وهل يمكن أن تعود؟!



** أبشِّركم.. أنهم يئسوا من عودتها.. وأنهم سلَّموا بالأمر الواقع.. وأنهم.. أدركوا.. أن سوق الأسهم.. صار بالنسبة لهم.. كالمغارة.. أو كالمقبرة.. أو أي شيء مرعب آخر.



** والله - لو أُغلق سوق الأسهم - كما أغلقت أسهم بيشة وأنعام - لكان خيراً للوطن والمواطن



** إن المطلوب.. ليس إغلاق تداول بيشة وأنعام.. وربما شركات أخرى مماثلة.. بل المطلوب.. إغلاق تداول (...) شركة هي كل شركات السوق



** بالأمس.. كان السوق يغلق على تداول 55 مليار ريال في اليوم..



** واليوم.. يُفحّط.. ليصل إلى سبعة أو ستة مليارات في اليوم.. أي بنقص قدره ألف في المائة فقط لا غير.. ومع ذلك.. يُقال.. الوضع (طبيعي؟!!).

** سوق ينهار بهذا الحجم المخيف.. ويُخلِّف وراءه ملايين الفقراء والمعدمين من كل المواطنين.. ويظل الوضع (طبيعياً؟!!)

** وما هو الوضع غير الطبيعي إذاً؟

** إن المشكلة.. هي ليست في هذا الانهيار فقط.. وليس في صنع ملايين الفقراء.. ولا في انهيار سوقنا ونحن نتفرّج.. وليس في (تملّص) المسؤولين الماليين من المسؤولية هكذا دون محاسبة.. بل إن المشكلة.. ألا نستعد لمرحلة ما بعد الانهيار.. اجتماعياً وأمنياً وتربوياً.. وأن نعد الأمر.. طبيعياً؟!

** سوق الأسهم (مات - رحمه الله)..

وأجزم.. أن الناس (تأدَّبت) وفقدت الثقة في السوق بنسبة تعدل نسبة انهياره عشر مرات.. ولن تعود له حتى لو أعطيت الأرباح مقدَّماً ولكن.. كيف ستنعكس الأمور على مجتمعنا؟

** كيف سيكون وضعنا؟ وكيف سنتعامل مع هؤلاء الذين دخلوا مساحة الفقر من أوسع أبوابه؟

** نحن لم نعد نناشد.. ولن نناشد المسؤولين الماليين.. لأننا نجزم أنه نداء خاسر.. بل نناشد المسؤولين الاجتماعيين والتربويين والأمنيين.. بأن يستعدوا.. فهل هم مستعدون.. أم أنهم سينضمون إلى المسؤولين الماليين ويقولون.. الوضع طبيعي؟

** المشكلة.. أن سوقنا (مات) ونحن لا ندري عن السبب حتى الآن؟

** ما السبب؟

** لا أحد يدري..

** (بس) كل الذي نعرفه.. أن (الوضع طبيعي) وعلينا.. أن نصدِّق (بالقوة) ومن (ورا خْشُومنا) أن (الوضع طبيعي؟!!)..

وردِّدوا مع مطربكم الشعبي أغنية (يا حُّول أنا من بِدَّتْ الناس يَحُّول)