الموضوع: الشعراء والذئب
عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 8 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الشعراء والذئب

كُتب : [ 13 - 03 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

،؛، معشّي الذيب ،؛،

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : اليكم ماكتبه أحد النابهين من أبناء قبيلة بني تميم حول الفرزدق معشي الذئب : هل تعلم من هو ذلك الرجل ( معشّي الذيب ) ؟ يطلق هذا اللقب على أكثر من شخص وكلهم حصل لهم موقف مع الذئاب وعرفوا بذلك ، شعبياً وهم : أول من سمعت أنه لقّب بـ( معشي الذيب ) هو : الشيخ / محمد بن سعد بن شعيفان السبيعي رحمه الله . والشيخ / مكازي بن سعيد العليان الشمري من حايل رحمه الله ، ويقال أن حفيده هو من تسمى بتلك التسمية ، ووجدت أن أكثر أهل الشمال يعرفونه بتلك التسمية وكلهم خليق بما اتّصف به ، ولكن هل فعلاً هم أول من عشّى ( الذيب ) ؟ أم يوجد من فعلها قبلاً ؟ في الحقيقة كان هناك من عشّى الذئب قبلهم وأطعمه من زاده وقاسمه طعامه وأمّنه وقال في ذلك قصيدة يمتدح فعله ويصف موقفه من الذئب ، وهو من قبيلة بني تميم و تعرفونه جيّداً وهو : الشاعر الكبير معشّي الذيب ( الفرزدق ) أبو فراس ؛ همّام بن غالب المجاشعي الدارمي الحنظلي التميمي ولكم قصديته التي يقصّ عليكم فيها قصّته :

وَأطْلَسَ عَسّالٍ وَ ما كانَ صَاحباً
= دَعَوْتُ بِنَـارِي مَوْهِنـاً فَأتَانـي

فَلَمّـا دَنَـا قُلـتُ ادْنُ دونَــكَ
= إنّني وَ إيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ

فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْنـي و بَيْنَـهُ
= على ضَوْءِ نَارٍ مَـرّةً وَ دُخَـانِ

فَقُلْتُ لَهُ لمّـا تَكَشّـرَ ضَاحِكـاً
= وَقَائِمُ سَيْفي مِـنْ يَـدِي بمَكَـانِ

تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَنـي لا تَخُونُنـي
= نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبـانِ

وَ أنتَ امرُؤٌ يا ذِئبُ وَالغَدْرُ كُنتُما
= أُخَيّيْـنِ كَانَـا أُرْضِعَـا بِلِـبَـانِ

وَ لَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِـرَى
= أتَـاكَ بِسَهْـمٍ أوْ شَبَـاةِ سِنَـانِ

وَ كُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ وَ إن هُما
= تَعاطَى القَنَـا قَوْماهُمـا أخَـوَانِ

وأسوق لكم قصة قصيدته حسب معاني الأبيات بتحليلي الشخصي المتواضع جدّا . حيث ابتدأ بذكر الذيب ( أطلس تعني الذئب الأغبر ) ، وكان عسّالاً ؛ و عسّال تعني المشي الخفيف وهو ما يسموه هنا أحياناً هرف الذيب ، وأنه ليس يعرفه وأنه ليس بصاحب يتّخذ فليس الذئب صديقاً لأنه عرف بالغدر وإن امتدحه البدوّي لنباهته واحتراسه وشراسته ، وذلك حينما أوقد ناره في منتصف الليل فأتاه الذيب ، وقوله ( دَعَوتُ ) أحسّ أن فيها نوع من الإفتخار بصفة الكرم فوصفه أنه يوقد النار في الليل يدعو ، أي ينتظر أي ضيف أو أي أحد ليجعله ضيف ناره . يقول : ( فلما دنا قلت ادن دونك ) أي فلما قرّب الذئب لم ازجره ولم ارده فكأنني باقترابه قلت له ادن قريباً مني ولاتخف فأنت في أمان فأصبح الذيب ضيف الفرزدق على ناره . وقام شاعرنا الفرزدق إلى زاده ( طعامه ) وأخذ منه ، وقسم بينه وبين الذيب قسمتين متساويتين ، وذلك من اعتباره الكامل لضيفه ولو كان ذئباً . ولكن كانت هذه الضيافة محفوفة بالمخاطر وإن رغب بها الفرزدق فقد كان شاهراً سيفه يقول : ( وقائم سيفي مني بمكان ) وكلّ هذا فعله عند رؤيته للذئب ورآه كأنما يضحك ضحكة غامضة فهي كما قال تكشيرة ثمّ ضحكة و هذا يكشف أن تحذّر الفرزدق الشديد من الذئب . وبرغم هذا الجوّ أبى إلا أن يكرم ضيفه قائلاً : ( تعشّ ) وأخذ يخاطبه بمافي نفسه أنه لو عاهده بألايغدر فيه أو يخون وأوثق الفرزدق من حسن تصرفه فإنهما سيصبحان كأي اثنين يصبحون اصحاباً كأنما يقول له : لاتسئ التصرف فقد نستطيع أن نتصاحب و هذا عكس المفترض من الذئب . ويتّضح هذا من وصفه للذئب في البيت الذي يليه حيث يقول : ( وأنت امرؤ ياذئب والغدر كنتما ، أخيّين كانا أرضعا بلبان ) و وصفه بـ ( امرؤ ) وهذه ترقية للذئب لمنزلة العاقل وذلك لمخاطبته إيّاه ، وتأتي امتداداً للمعنى الذي أراده منذ بداية قصيدته وهو إقرائه للذئب وضيافته له كأي ضيف طارق ، فوصفه مع ذلك بطبع الغدر المتمكن منه ، وشبهه بالاخويين الذين رضعا اللبن من درٍ واحد . وأخذ يذكر للذئب تفرده وكرمه عليه وفرقه عن غيره من الناس بأنه ( أي الذئب ) لو ذهب لأحد غير الفرزدق لما وجد هذه الضيافة ( القِرَى ) وسيجد بدلاً عن هذا اناساً يقتلونه فقال : ( أتاك بسهم أو شَبَاةِ سِنَانِ ) وشباة سنان معناه حدّ الرمح . وبين للذئب بعد هذا أن كل من ترافقوا في السفر وتصاحبوا هم أخوة وأصحاب ولو أن قوميهما متحاربين و المقصد هو الودّ المتبادل بينهم وهذا مايفترض بالذئب حفظه للفرزدق حسب معنى كلامه . وللقصيدة بقية فهي في أربعين بيتاً بعد هذه الأبيات فيها افتخار بقبيلته ، وتذكر لأبي فراس الفرزدق قصيدة أخرى عن ذئب عرض له وكان مع شاعرنا الفرزدق شاة مسلوخة ، فأخذ يرمي له من الشاة حتى شبع الذئب و ولّى ، فقال الفرزدق :

وَلَيْلَـة بِتْنـا بِالغَرييـن ضَافَـنـا
= عَلَى الزَّادِ مُوشى الذِّرَاعَيْنِ أَطْلس

تَلَمّسَنا حَتَّـى أَتَانـا وَ لَـم يَـزل
= لَـدْن فَطَمـتْـه أُمُّــه يَتَلـمّـس

فَلَو أَنَّـهُ إِذا جَاء*نـا كَـان دَانيـا
= لألْبَسْتُـه لَـو أَنَّـه كَـان يَلْبَـس

وَ لَكن تَنَحَّا جَنبـة بَعْـد مَـا دَنـا
= فَكَان كَقَاب القَوْس أَو هَـو أَنْفـس

فَقَاسَمْتـه نِصْفَيـن بَيْنـى وَ بَيْنـه
= بَقّيـة زَادي وَ الرَّكائِـب نُـعـس

وَ كَان ابْنُ لَيلَى إِذ قرى الذِّئْب زَاده
= عَلَى طَـارِق الظَّلْمَـاءِ لا يَتَعبـس

وقد أبدع أبو فراس في قصيدته ( و أطلس عسال ) وأجاد أيما إجادة وامتدح في آخؤها قبيلته ( من البيت 18 ) ، ولعلكم حين تقرأونها كاملة تعرفون هذه الرائعة ، فرحمك الله يافرزدق وغفر لك . فهل عرفتم الآن من هو معشّي الذيب الأول ؟ اذا الذئب لايستانس مثل النمور والاسود وبقية السباع وطبيعته الخداع منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس